التونسة التي دجنت القرجي (3 من 3)

بقلم : محمد المي

عندما تتجول بين أرجاء معرض القرجي الذي يقام حاليا في قصر خير الدين ينتابك سؤال عن كذبة صدقناها وصارت قناعة راسخة أعني مدرسة تونس؟ ومما آثار انتباهي أن قاعة من القاعات في قصر خير الدين جمعت أعمال مايسمى مدرسة تونس وحشرت حاتم المكي فيها ؟ والحال أن حاتم المكي تبرأ من هذه الاكذوبة وتنصل منها ؟

هذه المدرسة التي عززت عناصرها بعمار فرحات ولا اعرف ماذا كان يمكن أن تكون لو لم يكن من بين عناصرها عمار فرحات ؟

فكرة التونسة أو هاجس التونسة التي عمل العهد البورقيبي على تقويتها وجاء عهد مزالي والبشير بن سلامة لزيادة ترسيخها قتلت العديد من المواهب أو لنقل انها ضيقت الخناق على مبدعين كبار كان بإمكاننا النظر إلى أعمالهم كفنانين عالميين والقرجي واحد من هؤلاء لأن المعرض الذي ضم أعماله أبان عن رجل تجاوز عصره وتجاوز الفنانين الذين جايلوه وحتى الذين جاؤوا بعده .

يكفي أن تنظر إلى منسوجاته أو إلى خزفياته أو إلى منحوتاته لتدرك دون عناء أن القرجي المولود سنة 1928 هو فنان سبق زمانه وتجاوز مجايليه الشيء الذي يدعو إلى التساؤل كيف لا يقع تخصيص متحف خاص للقرجي على غرار متحف بيكاسو في باريس ؟

نعم ، أعني ما اقول : متحف خاص للقرجي

يكون كالمزار ولا يدخله الزائر إلا  باقتطاع تذكرة ويمكن أن يكون فضاء للتدريس والتلقين والتعليم لأن هذا المعرض لا يجب أن يكون مناسباتيا بل يجب أن يكون ضمن المنظومة الجمالية والثقافية . فكرة التونسة إذا لم تكن فتحا للعالمية فإنها تكون قتلا للمواهب وتقزيما للكبار .

لا أعرف لماذا لم يفكر القائمون على حظوظ هذا المعرض في إقامة ندوة فكرية حول القرجي تمتد على ايام يقع فيها التوقف على منجز هذا العظيم الذي لايزال بيننا بآيات من الفن الحديث والمعاصر.

تعليقات