هدى رجب بخيوط الصوف تنظم الفوضى

0بقلم : محمد المي

انتظم اليوم برواق روبتزوف معرض للفنانة التشكيلية هدى رجب احتوى على قرابة ال26 منسوجة صوفية اخرجتها بطريقة فنية بديعة تؤكد القدرة على أن الفن تتعدد محامله وتختلف باختلاف الفنان الذي يرسم هواجسه الفنية  ويشكل مادته اللونية بالطريقة التي يشاء .

المعروف أن هدى رجب قادمة من أفق عرف فيه النسيج الفني تميزا وأعني قفصة بلاد احميدة وحادة وليست هي التي تنسج وإنما تشغل نساجات /حرفيات يسهرن على تطبيق رسومها والوانها وتجسيد خياراتها الجمالية وتحقيق انتظاراتها الفنية.  وهي طريقة معمول بها ومتعارف عليها ولنا في شارع الحبيب بورقيبة المثال الأبرز على ذلك وأعني تمثال ابن خلدون للزبير التركي الذي لم ينجز فيه إلا الرسم أما تطبيق ذلك الرسم فهو من إنجاز الهاشمي مرزوق وعمر بن محمود .

ماتتميز به هدى رجب إذن هو خلق الخطوط وتشكيل الصور واختيار الألوان المتناسقة التي تجعل من عملها عملا متميزا يختلف عن السائد ويتخذ له خصوصية تفرده عن سواه أو لنقل عن السائد من الأعمال التي تنجز وتعرض في بلادنا.

فوضى من الخطوط المتشابكة التي أنجزت بتداخل واضطراب وسرعة كمن أصابه التوتر فأراد أن يفرغ شحنة من الانفعالات والتوترات فإذا به يشكل من تلك الفوضى صورا وحكايا تذهب بالمتلقي للعمل الفني إلى أنه ماثل أمام مشهد حكائي أو أن مشهدا حركيا التقطته كاميرا.

تداخل الخطوط يضفي حركية على العمل الفني المنجز ويخرجها من حالة الجمود إلى حالة الحركة بل انك تكاد تسمع أصواتا وترى أفعالا فالمشهدية ماثلة في مختلف أعمال هدى رجب بل إن هناك لوحات تحمل هذا المعنى من خلال التسمية التي اقترحتها هدى رجب نفسها  ( نظرات متخيلة ) visions imaginées أو replies de l'âme أو غيرها من العناوين التي نعتبرها دالة واختيارها ليس اعتباطيا وإنما يعكس خلفية ما .

هناك شكل من الإسقاط النفسي ومحاولة لتجسيد تصور متخيل في ذهن الفنانة وهي بصدد تصور عملها الذي تعده ليقع تجسيده وتطبيقه بخيوط الصوف التي تطيع وتنسجم بسرعة لتحقق المتخيل الذهني فالعمل الذي وسمته ب: les ailes de pensée أو un regard errant  لا يدل على اعتباطية في اختيار العنوان بل إن العنوان يحدد ويوحي ويفتح شهية القراءة كما يقول رولان بارط .

العنوان مدخل للقراءة باعتباره عتبة نصية يلخص نظرة الفنان لعمله ولا بد أن يكون ثمة مايتطابق بين العنوان  (دال) والعمل المنجز ( مدلول ) أو هو كاللافتة التوجيهية التي ترشدنا إلى كيفية مقاربة العمل والنظر إليه. من هذا المنطلق فسرنا الدلالات النفسية واعتمدنا القراءة السيكولوجية لمقاربة المنجز الفني لهدى رجب.

لقد خطت الفنانة مسارها وجعلت لها ميزة في الإبداع افردت أعمالها وميزتها كما أعطت للنسيج الصوفي حضورا مختلفا يبعد عن الاستهلاك الحاجي ليؤكد الحاجة الجمالية والضرورة الذوقية التي تجعل منه عملا فنيا يسر الناظرين ويبعث على الحيرة والتفكير. ( الجميل مايريعك ويروعك )

معرض هدى رجب إضافة إلى المشهد التشكيلي ندعو إلى زيارته والتوقف عند تجربة هذه الفنانة التي أكدت بأن النسيج الفني في تونس يشكل عاملا معززا لتطور الفن ببلادنا

شكرا للفنانة هدى رجب.

تصوير : مهى المي

تعليقات