عماد الجميل واللوحة المتعددة

بقلم : محمد المي

احتضن اليوم فضاء غاية بضاحية سيدي بوسعيد معرضا للفنان التشكيلي عماد الجميل عنوانه جزر الحبر وليست هي المرة الأولى التي يقيم فيها عماد الجميل معرضا شخصيا،  اعتقد ان آخرها كان في رواق عمار فرحات الذي يعرف باسم عايشة القرجي  ( وهذا أمر محير! ).

المهم أن عماد الجميل يتميز بغزارة الإنتاج وهذا هام لأن الفنان مطالب بالعمل الدائم والإنتاج الغزير وهو  من الفنانين الذين يحرصون على العرض في المعارض الجماعية أو الخاصة بلوحاته التي اتخذت طابعا مميزا إلى درجة انك تعرفها حتى أن لم يضع عليها عماد الجميل أمضاءه وتجربته فريدة لا تشبه أعمال رسامين آخرين بل يصعب تقليدها.

أقول هذا لأن هناك أعمال يمكن تقليدها بل هناك من قلدها مثل أعمال الحبيب بوعبانة أو لمين ساسي. ..الخ وا داعي لاحراج من يقلد هذه الأعمال أو يقاربها بأشكال تكاد تكون هي .

أعود إلى معرض عماد الجميل الذي تفرد واختص وعرف بنمط من الأعمال التي ميزته بالضرورة إذ هو يتعامل في الخامة باعتبارها فضاء يستوجب استغلال جميع فضاءاته بتكثيف خطي /لوني في الآن ذاته إلى درجة تستدعيك إلى ترك الكل للتأمل في الجزء والاستعاضة عن المشهدية العامة للغوص في مفرداتها حيث تتشابك فيها الخطوط والألوان كالحكاية التي عليك فك مغالقها وتفتيق احاجيها والبحث عن منعرجاتها والتوقف عند مطباتها.

يعمد عماد الجميل إلى الالغاز من خلال التكثيف فيبث الحيرة في المتلقي انطلاقا من وظيفة العلامة الخطية باعتبارها دالا تنطوي على مدلول يستدعي الناظر إلى استنطاق الكامن بين طياته الحاضر في ابعاده.

لوحاته لا يمكن أن تفهم إلا بعد حركتين : حركة تفرض عليك النظر إليها من بعيد فتراها كلا ، مجملا كمن ينظر نظرة فوقية،  بانورامية طامحا إلى رصد مشهد عام يشبه المدينة في فوضاها .
وحركة  تفرض عليك النظر إليها من قريب فتراها جزءا،  وكل جزء يشي بمعنى ويؤكد خصوصية .

عملية الاستمتاع تستوجب الفهم اولا وتستدعي دقة النظر ثانيا لتخلص في النهاية إلى التأويل الذي يأخذك بالضرورة حسب ثقافتك وحسب اسقاطاتك النفسية الناتجة بالضرورة عن المحصل الثقافي الذي تتوفر عليه. 

معرض عماد الجميل يغري بالزيارة والمتابعة يختتم يوم 15 جانفي القادم اي يمتد على شهر ونصف كامل تقريبا.

تعليقات