دلالات الاعتداء على قوس النصر

بقلم : محمد المي

جاء خبر الاعتداء على قوس النصر في باريس من طرف أصحاب السترات الصفراء صادما فنحن بين أمرين :

إما اعتبار ذلك العمل الذي قامت به الجماهير المحتجة عملا همجيا .

أو محاولة مقاربة المسألة من زوايا سوسيولوجية والبحث عن الدلالات النفسية والحضارية والسياسية لذلك العمل العنيف الذي سلط على معلم تاريخي فكما هو معلوم فإن قوس النصر  هو قوس يقع على رأس طريق الشانزيايزي  في فرنسا وهو طريق مزين بالأشجار. وهو   ملتقى 12 طريقاً . بدأ انجازه
في بداية ق19، وأراده نابليون بونابرت رمزاً يخلد انتصارات الجيوش الإمبراطورية. إلا أن إنجازه الفعلي تم عام 1836.

يبلغ ارتفاعه 49,50 متر. تحمل جدرانه الداخلية 660 اسما من أسماء قادته العسكريين، و96 من أسماء انتصاراته. كما أقام الفرنسيون بعد الحرب الأولى  قبرًا للجندي المجهول  بشعلة دائمة أسفل القوس تخليداً لذكراه.

يعتبر القوس وُجهَة سياحية مهمة للسياح في باريس ويمكن  الصعود إلى سطحه ببطاقة تشترى  من الطابق السفلي الذي  تصل إليه من نفق خاص من شارع الشانزيايزي .

عملية الاعتداء عليه بتهشيم محتوياته تدل على أن المواطن الفرنسي لم تعد له الثقة في الدولة والشعارات التي تزوجها الحكومات التي تدير الشأن الفرنسي.

شعارات الثورة الفرنسية : العدالة والأخوة والمساواة أفرغت من محتوياتها وعلامات العظمة كقوس النصر لا معنى لها .

المواطن يشعر بانكسار داخلي وليس في حاجة إلى علامات خارجية توهمه بالنصر والعظمة إذا لم يكن الشعور داخليا فلا معنى لرموز تعطي اوهاما لا وجود لها على أرض الواقع.

بهذا السلوك العنفوي يمكن الوقوف على دلالة انتهاء عمر الثورة الفرنسية التي تحولت من حدث تاريخي قلب تاريخ فرنسا إلى ايديولوجيا لا تختلف عن الماركسية في الاتحاد السوفياتي قبيل عهد البيروسترويكا.

على فرنسا أن تكف عن ادعاء العظمة في الوقت الذي يفرغ الإنسان من كل القيم التي ظل يعيش بها فالقيم يمكن أن تهذب سلوك الإنسان لكنها لا تكفيه احتياجاته.

لقد حولت الرأسمالية الإنسان الجديد إلى عبد للحاجة وشيأت القيم عنده وبذلك جاء الوقت لنكتشف الإنسان الجديد ونكف عن وهم القيم

تعليقات