ملخص مداخلة الدكتور محمد المهدي مقدود

تسترعي الناظر في مدوّنة حسن حسني عبد الوهاب سماتٌ عديدة لعلّ أهمّها شغفه بالثقافة والحضارة التونسيّتين. فالرجل خصّص حياته، أو كاد، لذكر مآثر البلاد وتعداد مناقب رجالها أيّا يكن الحقل المعرفيّ أو السياق العام الذي تتنزّل فيه سرديّته التونسيّة. ومن بين كلّ الحقب التي مرّت بها هذه الأرض، يولي الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب أهميّة مركزيّة للثقافة العربيّة الإسلاميّة. وسيكون من الطبيعيّ أن تكون القيروان مدخلا إليها باعتبارها عاصمة الإسلام الأولى في إفريقية.
ويلاحظ في هذه السرديّة القيروانيّة عند العلامة التونسيّ أمران على الأقل:
- إحياء المعارف ونشرها بين النائشة وجنوح الكتابة إلى التبسيط والتيسير والاختزال مراعاة لمقتضى الحال، فالكثير من تصانيفه مؤلّفات مدرسيّة.
- نشأة وعي بالحاجة إلى تأسيس ثقافة خاصّة بالبلاد. ولا يمكن لهذه الخصوصيّة أن تتمّ دون إعادة كتابة الذاكرة الثقافيّة ومنها الأدبيّة. وليس الاهتمام بشعراء القيروان القدامي كابن رشيق وابن شرف، إلاّ مدخلا من المداخل إلى تأثيث هذه الذاكرة حتّى لا تتفرّد بها الثقافة المشرقيّة. ويتجلّى هذا الوعي في نواح عديدة من مشاغله. وقد يدلّ ذلك على أنّ الوعي بالهويّة التونسيّة والمنافحة عنها لم يكن بدعة دولة الاستقلال بل كان سلوكا مركوزا عند عموم المثقفين التونسيّين منذ أمد.

تعليقات