الأعمال الكاملة للناقد الكبير أحمد حاذق العرف

تقديم الأعمال الكاملة

     يعتبر الناقد الكبير أحمد حاذق العرف أحد أبرز رموز الحركة الأدبية والفكرية ببلادنا على مر عقودها الأخيرة حيث كانت مسيرته الأدبية مكللة بالعطاء المتواصل .

   برز كأحد رواد حركة الطليعة الأدبية في تونس أواخر ستينات القرن العشرين وبداية سبعينياتها مدافعا عن المفاهيم الجديدة والرؤى الطلائعية في مختلف حقول المعرفة والإبداع وقد زخرت جرائد ومجلات تلك المرحلة بكتاباته المتميزة التي لفتت أنظار المبدعين في شتى مجلات الإبداع سواء منها النقد  المسرحي  أو النقد السينمائي أو  النقد الأدبي أو الثقافي عموما .

    توزعت مقالاته على جرائد الصباح والملحلق الثقافي لجريدة العمل والمسيرة وبلادي والإعلان والشعب والصدى والهدف  والناس ومجلات الفكر وثقافة ..الخ ومنابر إعلامية وفكرية عديدة وحتى النشريات اليومية التي كانت تصدر بمناسبة انعقاد أيام قرطاج السينمائية أو المسرحية أو مهرجان قرطاج الصيفي فضلا عن جرائد ومجلات عربية كالطريق اللبنانية والأقلام العراقية ..الخ .

     كل هذا جعل الناقد الكبير أحمد حاذق العرف يراكم رصيدا هائلا من المقالات الإبداعية والفكرية التي اضطلعت بدور المتابعة والنقد في زمنها ويمكن أن تدل الآن على ماحدث في وقت ما وزمان ما ببلادنا لتعطي فكرة للأجيال اللاحقة عن المخزون الثقافي ببلادنا وعن إيقاع الحياة الفكرية والأدبية بها . يمكن لمقالات العرف أن تدلنا على السقف الذي توصل إليه النقد الثقافي في تونس على امتداد نصف قرن من الإبداع في تونس .

       لعل أبرز ما يلفت الانتباه في جهود الرجل هو التنوع والقدرة على مقاربة المواضيع بشكل يصف الظاهرة ويشخص الأزمة ويقترح الحلول قصد التجاوز لتحقيق الإضافة المرجوة من خلال الكتابة ذلك أن الكتابة عنده ليست تسجيلا لموقف أو توقفا عند ظاهرة بقدر ما هي وسيلة لتغيير الواقع وفرض البدائل .

      لقد صنفت كتاباته الأولى تحت يافطة الطليعة ويمكن وصفها بالكتابات المقاومة والرافضة لذلك تطغى عليها الصبغة السجالية الحجاجية لأنها تنشد تقويض المستقر وفرض البدائل وهو ماجعل من كتاباته تتميز بالإرباك وتحدث الرجة ساعة صدورها . ورغم أهمية ما أنجز وما كتب العرف فإن تلك الكتابات ظلت موزعة مبثوثة في الجرائد والمجلات التي ذكرنا بعضها ولم تجمع ولم يوثقها العرف نفسه لا في قائمة ولا في فهارس وهو ما أوجد صعوبة في جمعها وترتيبها وتصنيفها لولا ذاكرته التي أسعفتنا بتذكر ما أمكن تذكره ولا نجزم أننا قد جمعناها كلها ولم نغفل منها بعضها بل إن بعض الجرائد التي اختفت في وقت ما لم نجد أعدادها الكاملة سواء في قسم الدوريات بالمكتبة الوطنية أو الأرشيف الوطني أو المركز الوطني للتوثيق مثل جريدة الهدف التي ترأس تحريرها الأستاذ محمد المصمولي الذي لا يمتلك بدوره أرشيفها ؟ كما لم نتمكن من أحد أعداد مجلة ثقافة التي كانت تصدر عن دار الثقافة ابن خلدون التي صودرت بسبب قصة كتبها العرف ...الخ  

    هذه بعض الصعوبات التي واجهتنا في الجمع لأشتات المقالات التي توفرها هذه الأعمال الكاملة للقارئ فان غابت بعض المقالات فأسباب غيابها يرجع لهذه الأسباب أساسا لاغير وربما نعثر عنها في قادم الايام فنلحقها بكتاب أخر إذ العرف لايزال بيننا أطال الله في أنفاسه ومتعه بطول العمر وهو لايزال يبدع ويكتب وينتج ولم يقف قلمه بعد وبقدر فرحه بصدور أعماله الكاملة فإنه كثيرا ما كان يردد إنها ليست كاملة مادمت على قيد الحياة .

                          إن ما لا يدرك كله لايترك جله

محمد المي

تعليقات