الشاعرعبد الحميد خريف كما عرفته

الشاعرعبد الحميد خريف كما عرفته

بقلم/ الناصر التومي


عرفت الصديق والشاعر عبد الحميد خريف في بداية السبعينات، بمقهى المغرب مع ثلة من الأدباء 
منهم صالح الحاجة، محمد الرفرافي المهاجر والصحفي محمد الفريقي وغيرهم، ومن يوم التقينا لم نفترق، أزوره في بيته ويزورني في مسكني وكنا نقيم الاثنين في المدينة العتيقة، ونشطنا معا بجريدة المسيرة، ونرتاد المسارح، حتى أطلق علينا بعضهم ـ اللذان لا يفترقان ـ وكان هو يقيم عديد الأنشطة بالإذاعة والمنوعات التلفزية وأشركني معه في منوعتين واحدة في الأستوديو والثانية خارجه بأطلال قرطاج، كما قام بالتمثيل مع فرقة المغرب العربي في مسرحية وحيدة لم أعد أذكر عنوانها.
 وكان لعبد الحميد خريف الفضل في لقائي بالأديب البشير خريف حيث قدمني له بمقهى المغرب نظرا أنه من أقربائه، وتسنى لي تقديم له مخطوط أولى رواياتي ـ ليالي القمر والرماد ـ ليطلع عليها قبل المشاركة بها في مسابقة جائزة بلدية تونس لسنة 1979، وزرته بمنزله مرتين. وأغلب قصصي في تلك الفترة أطلعه عليها قبل تقديمها للنشر،

 وله من سعة البال وصبر ما جعله ينصت لي بقراءة نص مسرحي ـ الخسوف ـ بركن مقهى نشرته بعد ثلاثين سنة، كما شجعني على زيارة نادي القصة بالوردية واصطحبني مساء يوم سبت لقراءة قصة ـ العسل المر ـ.

 عبد الحميد خريف له من القصائد ما يصدر أكثر من ثلاثة
 دواوين على الأقل، وكان يتهيب من دور النشر التي تشترط تعاملا مجحفا ، كما يرفض أن ينشر على نفقته الخاصة لكونه شاعرا وليس تاجرا. إضافة لقصائده التي تنشر في جل الصحف والمجلات التونسية كان يساهم بمقالات صحفية بعديد منها وخاصة بالملحق الثقافي للحرية، كما كان مراسلا لبعض الصحف العربية عرّف بي في إحداها ضمن حوار مطول.

مر عبد الحميد خريف بعديد المراحل المهنية فقد انتدب بكتابة الدولة للأخبار كمراقب للدوريات والصحف العربية، وبداية من الثمانينيات وأثناء بروز الحزب الديموقراطي أحمد المستيري اصطف وراء رموزه وغادر عمله من كتابة الدولة للأخبار إلى جريدة المستقبل تحت رئاسة حسيب بن عمار، لكن لما فشل الحزب في الانتخابات بواسطة التزوير الذي حصل، خاب الأمل في نجاح التغيير عاد عبد الحميد إلى كتابة الدولة للأخبار من جديد حيث

داهمه مرض عضال كان السبب في وفاته. والحق يقال لما لم تجمع قصائده طي دواويين تعثر تقييم أعماله ولم يأخذ حظه من النقد. كنت نشرت نصا مطولا عن الشاعر عبد الحميد خريف إثر وفاته، لا أعرف أكان بجريدة الشروق أو الصباح، لم أعثر عليه. وإني أشكر للشاعر نور الدين بالطيب الذي أصدر كتابه عن عبد الحميد خريف، ناشرا العديد من قصائده التي لم تر النور إلا بالصحف والمجلات، بينما كان من أغزر الشعراء في أيامه لكنه كان متمردا على نشر دواوينه بواسطة ناشرين لا يحترمون الكاتب كما أسلفنا، وغير مرتاح للنشر على نفقته، ولم يصدر له إلا نصا لملحمة قلقامش كان أهداني نسخة منه، وأشكر للذين شاركوا في الندوة التكريمية للشاعر الراحل عبد الحميد خريف.

تعليقات