التوانسة والتأشيرة المصرية (1)

بقلم : محمد المي
اول مرة زرت فيها القاهرة هي سنة 2003 قدمت مطلبا في الصباح فتحصلت على التأشيرة في المساء .
قدمت دعوة من اتحاد الأدباء والكتاب العرب فلم ادفع رسوما مالية وقيل لي يومها لوكنت متوجها إلى مصر قصد السياحة لدفعت 15 دينارا لاغير .
السنة الفارطة تلقيت دعوة من المجلس الأعلى للثقافة لحضور ندوة فكرية فلم اظفر بالتأشيرة إلا بعد 15 يوما ودفعت مبلغا ماليا قدره 90 دينارا ؟ وقيل لي يومها لو كنت متوجها إلى مصر قصد السياحة لدفعت 60 دينارا ؟
تغيرت الأحوال وتبدل كل شيء !
عندما اتهمت بالقتل العمد !
أوصاني صديقي الكاتب والجامعي محمد آيت ميهوب أن احتاط في سفري لأنه تم إيقافه لمدة ساعة في المطار ثم أخلي سبيله ومن قبله تم احتجاز الجامعية أمال قرامي وعادت إلى تونس مطلقة صيحة فزع داعية للتضامن معها ضد الإهانة التي تعرضت إليها في
المطار !
لم أكترث كثيرا بوصية صديقي وليتني اكترثت إذ ما أن وصلت إلى المطار وكان في استقبالي الصديق محمد فتحي المسؤول عن استقبال ضيوف المجلس الأعلى للثقافة حتى وجدت نفسي موقوفا بتهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد؟ 
يا إلهي القتل العمد ؟ متى ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟
ولو ارتكبت هذه الجريمة هل أعود إلى مصر؟
ما خفف من حدة توتري اني وجدت إلى جانبي الشاعر العراقي المعروف عذاب الركابي الذي قضى عمره مغتربا في ليبيا وبعد الثورة الليبية سافر ليكمل بقية عمره في الاسكندرية
عذاب الركابي جاء معي على الطائرة التونسية لأنه كان مشاركا في ندوة في بنزرت حول الرواية العربية . تهمته التي أوقف من أجلها تزوير شهادة الاقامة في مصر . فوجئت به يحتد وهو يخاطب الشرطي المصري ويقول له ماهكذا يعامل العراقيون في مصر!  العراق التي ساندت مصر في محنها ماهكذا يكون جزاء أهلها.
حاولت تهدئة الأمر خوفا من تطورات لا يحمد عقباها  ( ناسيا أن تهمتي أخطر من تهمة عذاب الركابي ) فقلت للشرطي الاستاذ عذاب الركابي شاعر كبير له أكثر من ثلاثين كتابا وسنه يقرب من الثمانين عاما لا يمكن أن يرتكب هذه الجريمة
اجابني الشرطي على الفور قاطعا تدخلي : العراقيون والسوريون يفعلون كل شيء.
كان بودي أن اسأله لولا تقديري للموقف : طيب ونحن التونسيين؟ 
جاءت سيارة كبيرة واخذتنا إلى قسم أمن الدولة في المطار وهو قسم يشبه أقسام البوليس التي نشاهدها في الأفلام والمسلسلات المصرية تكدس فيه رهط كثير من خلق الله بعضهم ينام أرضا وبعضهم يجلس على آرائك مهترئة وفضلت انا وعذاب الركابي البقاء وقوفا.
بعد أكثر من ساعة نودي على اسمينا فهرولنا مسرعين لنتسلم جوازينا ولا مجرد كلمة اعتذار أو محاولة لرفع الالتباس.
حاول عذاب الركابي مجادلة عون الأمن فاخذته من طرف قميصه ادعوه إلى المغادرة عسى أن تنقلب الأمور
عندما وصلت إلى النزل الذي ستدور فيه فعاليات الندوة وجدت صديقي الدكتور في انتظاري مقدما اعتذاره ومحاولا تبرير ماحدث وقال لي يحدث لنا هذا مع العديد من الضيوف للأسف
البلد في حالة طوارئ
قال لي صديقي الدكتور أن البلد في حالة طوارئ وبالتالي بإمكان أي شرطي أن يدخلك السجن لمجرد الشك أو الارتياب فيك لذلك لو اعترضك اي مضايقة حاول تجنب مجادلة أعوان الشرطة وطبق مايقولون لأن البلد في حالة طوارئ
تونس يحكمها الاسلاميون
لم اقتنع كثيرا بكلام صديقي الجامعي وقلت له كيف اتهم بالقتل العمد وبعد ساعة يطلق سراحي وحتى العراقي الذي تم إيقافه لأنه جاء من تونس  فقال لي تونس في تقدير النظام المصري من بؤر التوتر وانتم يحكمكم الإسلاميون لذلك يقع التشدد في الإجراءات معكم.

تعليقات