جويف : بحث إبداعي ومتعة جمالية

تم البارحة عرض مسرحية جويف للمخرج حمادي الوهايبي وهي مسرحية من انتاج مركزالفنون الدرامية والركحية بالقيروان وقد نالت هذه المسرحية جائزة أحسن إخراج  .
والحق أن حمادي الوهايبي يبذل جهودا كبيرة منذ توليه إدارة المركز المذكور سواء من حيث الإنتاج أو التشجيع عليه أو الإصدارات ولا غرابة أن تتوج جهوده بهذه الجائزة خصوصا وقد نال شهادة الدكتوراه حول الإخراج .
مسرحية جويف
المسرحية لم تخرج عن الإطار العام الذي دارت فيه أجواء الصابرات حيث تناول حمادي الوهايبي أقلية اجتماعية تمثلت هذه المرة في اليهود وكيف انعكست الثورة عليهم إذ صور في المسرحية .
شريحة من اليهود استغلت الوضع الفوضوي الذي مرت به تونس وحاولت هذه الشريحة استغلال الوضع سواء بالسرقة والتهريب أو التحريض على الهجرة إلى الكيان المحتل لفلسطين .
وفي المقابل هناك فئة متمسكة بالبقاء في تونس ولا ترى وجودها نشاطا بل طبيعيا وتنشد المساهمة في الوضع باعتبارها من المواطنين التونسيين لا فرق بينها وبين البقية .
هذه الفئة قدمها حمادي الوهايبي بكثير من التعاطف والتواطئ حيث سلط الضوء على الميز العنصري الذي تعاني منه من قبيل الكلمات والمفردات التي تنعت بها على غرار " يهودي حاشاك" .. بل ذهب إلى أكثر من ذلك حين جعل يهودية تحمي مسلمة وترعاها وتتستر على إسلامها لتوفير الحماية لها وهي مسلمة غريبة الأطوار تصر على أداء واجباتها الدينية وتشرب النبيذ " البوخا "  (شراب اليهود ) .
أحداث المسرحية تروي محاولة ميمون وهو يهودي ومجند في المخابرات يسعى إلى تهريب نسخة قديمة من العهد القديم إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي فضلا عن تحريض المواطنين اليهود التوانسة للهجرة فيأتمن يهودية على النسخة التي يسعى إلى تهريبها غير أن تلك النسخة يقع السطو عليها من طرف المسلمة (وكان حمادي الوهايبي يومئ أن المسلمين هم الأقدر على أن تؤتمن البلاد على أيديهم )؟
وهذا سؤال في مسرحية تنتصر لليهود  وتتعاطف معهم وفي الوقت نفسه لا تراهم الأقدر ائتمانا على البلاد والعباد والتراث والآثار؟ 
يثأر ميمون من الفتاة اليهودية التي لم تحسن الحفاظ على نسخة العهد القديم فيقتلها حرقا مذكرا بحرق الياهو ميموني لحبيبة مسيكة التي عشقت مسلما ورفضت الزواج من يهودي .
يفتضح أمر ميمون في نهاية المسرحية وقد عمل حمادي الوهايبي على استغلال التراث اليهودي وتوظيفه من ذلك إيراد اغاني حبيبة مسيكة أو راؤول جورنو إلى جانب إيراد المصطلحات والمفردات المستعملة الشيء الذي ينبئ باجتهاد وبحث قاما بهما مؤلف النص وهو حمادي الوهايبي ليقدم هذا العمل الجاد الذي يستحق المشاهدة والتشجيع وندعو بالمناسبة بقية المراكز أن تحتذي جهود مركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان.

تعليقات