أيام قرطاج الشعرية 2019: عودة المستنقع القديم


أيام قرطاج الشعرية 2019: عودة المستنقع القديم

بقلم : منير الوسلاتي
كان لا بد من تسمية الأشياء بأسمائها، فلا نغلف المواقف في المجازات. لم يعد الامر يحتمل التلميح ولا الغمز ينفع "ذات المحبسين" ظلام الجشع بالسلطة وظلام الكبر والتحجر، وكلاهما عمًى معتقٌ لا بُرْءَ منه. 

الجشعُ وعقلية تبادل المنفعة المشطّ، فلم يعد مجالٌ صدقًا للطف الإشارة ولا الرسائل المسالمة الراقية التي تميل الى حسن النية والنزوع الى رأب الصدع وجسر الهوّة...كنا أشرنا منذ السنة الفارطة في الدورة الاولى لأيَّام قرطاج الشعرية الى هذه الممارسات المرفوضة لتي تكرس نواميس العصبية والمعارف النفعية وخدمة ذوي القربى والشللية المقيتة التي تسيطر على الملتقيات والمهرجانات الأدبية وأسلوب (أدعوني أدعوكم) والتي تتجلى للأسف في أعلى مظاهرها في أيّام قرطاج الشعرية أكبر تظاهرة شعرية في تونس...

ولقد أشرنا الى معالي وزير الثقافة محمد زين العابدين بهذه الممارسات وما طالني شخصيا وثلة من الشعراء البارزين في تونس من تغييب وإقصاء رغم ما نحظى به من حضور عربي ودولي ورغم الانتاج الادبي السنوي على مستوى إصدار الدواوين سنويا وتقديم الجديد...ولقد برّر الوزير وقتئذ على أنّه "قد يكون وقع سهو غير مقصود سيتفاداه المنظمون في دورات لاحقة".صدّقتُ كلام الوزير وسبّقتُ حسن النوايا وخفّفتُ من حدّة غضبي الشخصي وانخرط شعراء عديدون في غمغمة وضجيج وتشكّيات خصوصا من أصناف الأدباء الشباب ومن داخل البلاد هنا وهناك  وسكتُ على أن أترك الأيّام تكشف لي الحقيقة إن كنت ضحية السهو او التغييب القسري مع سابقية الاضمار،وقلنا ربما تنصفنا السلطات الشعرية في تونس(لعلّ وعسى)بتدارك ما قيل عنه "سهوا" في الدورة الثانية بادرت بكتابة رسالة الى من تملك بيدها زمام السلطة الشعرية في تونس المدعومة من الخارج والداخل الحاكمة بأمرها الأستاذة جميلة الماجري المحتكرة لسلطة استدعاء المبدعين واختيار المدعوين سلطة مطلقة لا رقيب ولا حسيب عليها (علما واني لم أكن اذكرها في جل منشوراتي بالاسم الصريح صبرًا وتأدُّبا...) 

قيل لنا إنها تموّل بنفسها أيام قرطاج الشعرية من خلال علاقتها بدولة الإمارات وأنظمة تمويل بيوت الشعر العربية ومن بينها البيت القيرواني وقيل أن هذا النفوذ المتفرد تستمده مما تدعم به الاستاذة الماجري شخصيا أيام قرطاج الشعرية...وللامانة لا نعرف الى اليوم ماهي مساهمة الامارات الحقيقية في برمجة أيّام قرطاج الشعرية،ولا توجد حتى تقارير ماليّة مدققة عن المصاريف المنجزة بأيام قرطاج لسنة 2018.

 كما قيل أن الاختيارات الشعرية للمهرجان تأتي بناء على مقترحات الشارقة على مستوى الاسماء العربية وحتى التونسية...مع العلم ان بعض تلك الاسماء العربية المدعوة نلتقيهم خارج تونس ونعرف تواضع مساهماتهم الشعرية بما لا يليق باسم قرطاج الشعرية أصلا وبالإمكان التحري في الاسماء التي دُعيت.ولقد تقدمت بترشحي السنة الفارطة لمسابقة الدواوين الشعرية لايام قرطاج ثم سحبت ترشحي قبل اسبوع من التصريح بالنتائج.. لان الكواليس فضحت لنا انحصار الجوائز في اسماء معينة منذ البداية الجوائز مقسّمة بين أسماء كتّاب تعوّدوا على الفوز وهم كتّاب كبارٌ .." كبارٌ جدا" لم يخلق مثلهم في البلاد منذ عاد وثمود ذي الأوتاد، وربما تونس لم تنجب مثلهم...أسماء تتحرك في فلك الاستاذة جميلة الماجري وفي كنف العناية الإماراتية المباركة وانصياعنا التونسي لهذا القدر المحتوم لسلطان الاموال المتدفقة والتي"لم يفتح حولها الكتاب الى يوم الناس هذا..."            
            
    إنّه الى حد كتابة هذه السطور لم يكن في نيَّـــــتي مشاكسة السيدة جميلة الماجري ولا انتقادها ولا انكر  غضبي الشخصي الذي هو عينة من غضب شعراء وأدباء كثر في الجهات ومن شريحة الشباب والموجة الجديدة التي تهمشت وتجمدت في حالة من الاحباط واليأس من واقع أدبي شللي قاعدته "نحن وبعدنا الطوفان".ولقد قلَّمت أظافري واستجمعت كل ما أمكن من لطافة ورقي وديبلوماسية وراسلتها بقلب متجاوز وخاطر منسامح،ووثوقا بكلمات الوزيــــــر" ربما مجرد سهو  غير مقصود سي منير!؟"...فلم ترد علينا صلف الكبر  والتكبر  هي من بيدها ملكوت الشعر والنفوذ الأوحد.. سألنا عن أعضاء الهيئة المديرة لأيّام قرطاج الشعرية قيل لنا إنّـها هيئة تعمل بالتلفون سألت كل من قيل انه عضو بهذه الهيئة كلهم لا يعرفون شيئا عن البرنامج وعن مهامهم في الهيئة قرار تعيينهم مجرد تلفون من مدير الايام "القائم بأمره الواحد القهّار"...
             
   للأسف سيدي الوزير النوايا الحسنة لاتكفي ،لم يكن سهوا إقصاء أسماء بعينها بل بسابقية الاضمار والاصرار وبمنهج إقصائي مدروس...انه مستنقع قديم حاولت أن أغضّ الطرف وأركنه للنسيان،كم قلنا لا فائدة من تقليب الماضي يكفي ما يعانيه البلد من مواجع... لكن الحقيقة صارخة والحيف واضح،والروائح النوفمبرية ذابحة،مستنفع كريه الرائحة،عفن الشكل،مسنون الطعم منذ كانت السيدة جميلة الماجري رئيسة اتحاد الكتاب التونسيين عانينا الاقصاء والشللية وتقريب الرطب المداهن وشراء صوت المشاغب سليط اللسان بأثمان بخسة أحيانا لا تتعدى ثمن غداءٍ وبعض قوارير من الجعة الرديئة...ولا عزاء وقتها لكاتب يقطن خارج العاصمة أو لا يمدُّ وجهه في مكتبها ...مستنقع المنافع يُتقاسم فيه منح الوزارة والرئاسة للاتحاد تنفق على اسفار الرئيسة وحاشيتها،منذ كانوا يتاجرون بجراح الكتاب والأدباء حينا ويضاربون بصمت الادباء في بورصة النظام المخلوع ليرتقوا في السلطة والملك مكانا عليًّا،منذ ان كانت وكانوا يهللون ويطبلون ويناشدون ليقبضوا "البحّيم"تحت الطاولة  وهم يتكلمون باسم الادباء والكتاب ليمتطوا على ظهورهم الى حيث مصالحهم القذرة وكم ذبحوا الادباء والكتاب وبعضهم توفّي على الرصيف كمدا وغبنا في ذلك الزمن...

همهم يذهبون الى حيث يغرفون الأموال المسداة حتى على حساب الشّرف الادبي وعلى جثث المفكرين والمبدعين ...ظننّا ان هذا العفن في مستنقع الأدب والإبداع قد نظفته رياح الثورة لتتوب السيدة جميلة بعد الثورة وتعتذر عن ممارسة القمع الأدبي بوضع العراقيل امام التيارات الجديدة وبضرب كل ما هو جديد والاستئثار بالمشهد،وتحنيط الابداع في أصنام تسدُّ الطريق أمام حركة التجديد  لكن للأسف لا يستقيم الظل والعود أعوج...
             
   المستنقع الشعري يا سيدي الوزير كريه جدا...الآن الأستاذة جميلة كما كانت دائما تعمق هذه الشللية والعصبية وتتوسع بسلطان المحاباة والولاءات في القيروان جعلت لها عيونا وآذانا ينقلون لها الاخبار حتى صارت تجارة نقل الاخبار والإشاعات رائجة في القيروان...قاومت قيام بشراسة أي جمعية أدبية في القيروان  لتستأثر بالمشهد المحلي ولتظهر بمفردها حتى تضمن حزام الوالي والولاية وتحتكر اي حزام سلطة والقيروان ولاّدة وبـها من الاقلام والمبدعين لكن كل المبادرات انحلت ولم يعد من خيار الاّ أن تكون مع السلطانة  أو أنت عدوٌ ينبغي محاربته في عقر فكره وإبداعه ومستحقاته...

سياستها واضحة المعالم أوّلا بدعوة سَدَنَة البيت القيرواني في الدورة الأولى فقائمة المدعوين من القيروان هم من الناشطين في حياضها بالبيت القيرواني وتقوم بدعوتهم تكرارا ومرارا وهو ما يجعل تعاملها مع مهرجان دولي كأيام قرطاج الشعرية على أنّه ملك خاص تتصرّف بعقلية محلية ضيقة وعلى الأرجح هنا أنها تفكر في شيخوختها بإرضاء جوارها القيرواني القريب....ثم الجمعيات التي دَعتها وكرّمتها أو التي ستدعوها - ونعرفها جميعا- فيكون بمنطق رد الجميل.
                والسؤال المطروح هل أنّ عودتها بعد الثورة لتصدّر المشهد الشعري التونسي بمباركة الوزارة والسُّلط المحلية والمركزية كان متسامحا مع الأستاذة جميلة أكثر مما ينبغي؟ هل أن المنظومة القديمة التي دمرت الادب التونسي وقوى الحداثة والتجديد من خلال إتحاد الكتاب سابقا تستعيد حضورها بنفس الاشكال المقيتة في اقصاء المبدعين والشباب ومناهضة رياح التجديد في المضامين والاسماء أم أنّ ما يجري اعادة انتاج لنفس المنظومة- المستنقع؟              


تعليقات

  1. شاعر آخر من شعراء الزمان الأغبر والذي ابتلانا بهم الله هو منير وسلاتي شاعر متسلّق يحب البروز على حساب الأصوات الشعرية الهامة في تونس شعره مملّ ولا تجربة له ولا رؤية خاصة به يتطاول هذه الأيام على سيدة الشعر في تونس الشاعرة القديرة جميلة الماجري بكتابة مقالات تهجمية على شخصها لأنها لم تلتفت له ولم تدعه وهي التي لها اطلاع كبير على الساحة الثقافية وتميّز بين الشعراء الجيدين والمزيفين وواحد كهذا الشخص الذي يلهث وراء الدعوات للخارج ويوهم مضيفيه بأنّ له باع وذراع في المشهد الشعري بتونس كيف لا وهو يصدر وظيفته كمصيدة لأصحاب النفوس الضعيفة كنت أحيانا اعلق على رداءة مايكتبه فحضرني وهذا هو البؤس بعينه في ساحة اعتلى صهوة الشعر فيها الرديئون الوصوليون الذين همهم السفر واستغلال الفرص

    ردحذف
    الردود
    1. كنت اصدقك لو عرفت بنفسك لنعلم هل انت بحق مؤهل لنقد الرجل؟

      حذف
  2. ب300د...اجرة المشاركة خلقت جميلة الفتنة بين الشعراء...كما انها اختصت بكافة الانماط الشعرية

    ردحذف

إرسال تعليق