دموع متقنة

دموع متقنة
بقلم : منذر العيني

دموعٌ متقنة تملأُ كأس الفراغِ
ليست نتيجةَ حزن 
ليست خاتمةَ أسى
 ليست نهايةَ ندم.
دموع متقنة من عين كلب تصنع بركةً مرئيّةً.
ظلّي يغرق فيها رويدا رويدا
 ليرى تيهَهُ العائمَ على السّطحِ.
دموع بغصّة مغضوبٍ عليهِ تسقي نبتَ الكأسِ المشطورة إلى نصفين.
نصفٌ هو مساحةُ كفِّ لا تهدأ عن الضّربِ
والنصفُ الآخرُ قد وسعَ روحا مشروخةً
أعلاها حيّةٌ بسبعةِ رؤوسٍ
وأسفُلها أصابعُ أخطبوطٍ بثقوبٍ فسفوريّةٍ ومصافٍ بيضاء ............................
حينَ نزلت القطراتُ على الورقةِ
آصطفَّ الحزنُ برؤوسهِ السبعةِ معلنا بدايةَ الطّوارئِ أمامَ جموعِ العزاء..........


لا تحزنوا كثيرا.......لا تندموا على شيءٍ
البكاءُ كتابةٌ أخرى بدمعِ النسيان
أمّا الذّاكرةُ وجهٌ آخرٌ للقطراتِ.
اِغرفوا منها ما يتيسّرُ لدرءِ رفثِ الوقتِ وفسوقِ اللّحظاتِ
أو آسبحوا في البركةِ، 
ملحُها سيحملكم إلى أعلى كما لو أنّكم في البحرِ الميّت.
ألا فآتقنوا دموعكم عند النوازلِ
لترَوْا وجهَ الحيّةِ و أصابعَ الأخطبوط....
لا تقولوا إنّا متنا سنسطعُ في أيِّ وقتٍ إذ كلّما
دفنتمونا إلاَّ و آنتفضنا معلنينَ حزنا جديدا ...............

دموعٌ متقنةٌ تلوَ دموعٍ ليست للحزنِ أو للندم
إنّها مياهُ الغارقِ في التّيهِ
    مرايا الكادحِ في المنجمِ

    صفائحُ الرّابضِ في الماخورِ
    شعلةُ الماسكِ بالجمرِ
    شظايا العاشقِ المتلاف
    جداولُ الذّاهبِ في الشّكِ
    عطرُ الغائدِ إلى القبرِ
..................................................
دموعٌ متقنةٌ فرّغت قطراتِ النّدى عندَ تذكّرِ الوداعات
في مرآةٍ مقعّرةٍ لآمرأةٍ و حفيد......................
دموعٌ جرت من شفةٍ سخطٍ صنعت وجهَ المغضوبِ عليهِ
برأسِ حيّة و أصابعِ أخطبوط............................  

تعليقات