أقالة جميلة الماجري للضرورة الشعرية وانصافا للتاريخ


بقلم : منير الوسلاتي

عندما تتعالى أصوات المطالبة بإقالة الاستاذة جميلة الماجري من إدارة أيام قرطاج من عديد مناطق البلاد ومن عدد من الراسخين في الكتابة الشعرية والأدبية ، هذا ليس حطّا من شأنها كشاعرة تونسية مبدعة.بل قد يكون تكريما لها في شيخوختها والتماسا لراحتها من حمل رسائل ثقافية جديدة لم تتمكن المديرة من واستيعابها وبقيت حبيسة أشكال الحفل القديم المطبّل للسلطان والمسبّح بحمد الكبار. إن إقالتها استجابة لحركة التاريخ ، واعترافٌ بانه لا يوجد مسؤول صالح لكل زمان ومكان. بل  تداركٌ سريعٌ لركام الفشل الاداري والعلائقي الذي تسببت به الأستاذة الماجري في إدارتها السيئة

-للأمانة- لهذا المرفق الثقافي  وسوء تصرفها وتقديرها لخصوصية التظاهرة وأبعادها الحضارية ضمن الرؤية الشاملة لأهداف وزارة الشؤون الثقافية واستراتيجيتها.التي تقطع مع أساليب  الاحتفال الثقافي التقليدي وتؤسس الى رؤية ثقافية إدماجية لا يبقى شاعر الاعماق  التونسية يها منبوذا،متروكا محاصرا أو ملحقا بفقرات أشبه "بمحتشدات جماعية" فضفاضة الأثر باسم كل من يهوى الشعر وبشكل تحشر فيه الاصواتُ بغير تكريم أو تقدير حقيقي لابداعها . إن الإرادة الثقافية الحاضرة  تذهب اليه التظاهرات الادبية في سياق تمكين الجهات وتنمية ممارستها الثقافية وإبراز ما خفي من انتاجاتها الادبية وأيام قرطاج كما اشار  السيد وزير الثقافة لا تشذُّ عن هذه الاستراتيجية وليس مطلوبا من إدارتها اختزال الأيام في الاحتفال بسماع عدد من الشخصيات الشعرية العربية بين جدران مدينة الثقافة بالعاصمة.

نقائص بالجملة

وعليه فتقديري الذاتي من خلال تجربتي الثقافية وتكويني العلمي في المواد الثقافية وإدارة البرامج الكبرى وتخصصي سوسيولوجيا التغيير الاجتماعي فإنّي أشير إلى النقاط التالية من باب الاضاءة والإيضاح :
- إدارة ايام قرطاج الشعرية عجزت عجزا فظيعا على تقديم تصور احتفالي ومظاهر ثقافية تتماهي مع توجهات وزارة الشؤون الثقافية وتوصيات الوزير اصلا خصوصا فيم يتعلق بالبرنامج الوطني مدن الآداب والكتاب،وأن ما يرصد لهذه التظاهرة من اموال أكبر مما تحققه الايام من النتائج الثقافية المرجوة.

- الأستاذة الشاعرة الماجري من خلال متابعتنا واستقصائنا لطرائق إدارة الأيّام للأسف لا تتوفر فيها مواصفات الكفاءة وحسن التدبير الاداري وحسن توزيع المهام والانسجام مع توجهات التنمية الثقافية وبرامجها الكبرى. للسباب التالية:


1- هيئة ايام قرطاج لا تجتمع ولا تتواصل دوريا منذ سنة كاملة لم تنطلق أشغالها إلا في الاسبوعين او الثلاثة أسابيع الاخيرة قبل الدورة الثانية للايام.

2- لا توجد لجان لهيئة المهرجان ولا يوجد عمل قاعدي من تجميع معطيات وتوثيق بيانات وسير ذاتية للمشاركين ولا توجد أي متابعة منهجية إدارية لأعمال اللجان،بل أنّ أغلب من نُـــودي للعمل بهذه الهيئة هاتفيًّا وحسب وضعه من رضى المديرة ومزاجها العام،ومدى تقرُّبه منها. بعض أعضاء هذه الهيئة لا دخل لهم بالبرمجة الأصلية بل انتدبوا بالهاتف أو المسنجر من خلال لقاء خاطف لتأثيث فقرة ما،ودون وجود محاضر جلسات رسمية أو اتفاقات أو تكليف رسمي لهؤلاء الأعضاد. بالاضافة الى أن اعضاء هذه الهيئة من بعض الجمعيات من العاصمة وجمعيات العاصمة ليست الرّافد الوحيد للشعر والأدب. غياب عمل جماعي تشاركي.

الحاكمة بأمرها

كل من تسأله يقول لك ان السيدة المديرة بيدها "ملكوت كل شي" البرنامج واختيار الاسماء وفلانٌ تحبُّه المديرة وتعطف عليه،وآخر مقبولٌ لأنّـــه رطبٌ مداهنٌ لا يشاكسها ولا يرفعُ بصرَهُ اليها وهو المطلوب في رواسب الممارسات النوفمبرية ، وآخرُ يسبّح بحمدها عندما سكبتْ بحساب جمعيته منحةً لانجاز مهرجانه الفقير،وآخر لا يكتب القصيدة العمودية "ويستحق أن يُصلى في جهنم وبئس المصير.."، وآخر  بارعٌ نجمه لامعٌ أكثر مما ينبغي.. فينبغي ابعاده تحسُّبًا أن يُضيء أكثر مما ينبغي فتأتي الفاتورة باهضة الثمن....الخ...وهي تقديرات مزاجية وأهواء المديرة الحاكمة بأمرها على هذا المنوال لا تليق بمرفق ثقافي عمومي رسالته المفترضة أن يستقدم الشعر التونسي من قواقع صمته وانحساره الى الجمهور العريض.
إن ذكاء الفعل الثقافي لدى الفَطِنِ اللبيب، بعيد النظر  هو من يجعل الحفل الشعري حفلا لبروز  الأقلام المغمورة والأقل حظا أيضا، وتكريمها وإعلاء شأنها وليس الاكتفاء بزيادة نجاح الناجحين،بنفس الذكاء الثقافي لابأس أن نصلَ أجيال الشعر ببعض وأن نصلَ تجارب الأجيال الشعرية ببعض وصلا جميلا للذاكرة بالذاكرة لاستمرارية الماضي في الحاضر مما يجعل قادح الثقافة أقوى وأوهج من قادح البراعة والتميّز.وهي صفات تحتاج قلبا كبيرا وعقلا كبيرا ونفسا شبعانة سَمحَةً بحُب العطاء للوطن ولشباب الوطن المبدع وخدمة الثقافة كعامل تغيير اجتماعي ودافع تحريك للسواكن وإنقاذا للمنسيين تحت أنقاض النسيان والتهميش و تلطيفا من حدّة الميز وتصاعد الحقد "السوسيو- ثقافي" لقطاع واسع من الشباب الناقم  على برجوازية الساحة الثقافية وعنكبوت الاستئثار بطيبات المشهد الأدبي وعطاءات هياكل الثقافة.انها نقمة وغليان وثورة لا تراه السيدة المديرة اللاّهية في معايير ذوقية واختيارات الواضح جدا أن أغلبها املاءات تأتي من خارج الوطن...

- يوجد نقص فظيع على مستوى التعريف بالبرنامج في وسائل الاعلام وضبابية كبرى الى الايام الاخيرة قبل المهرجان حول الاسماء والاستضافات ومحتوى الفقرات تخلصا من كل محاولة نقاش أو درءً لكل انتقاد او اعتراض وهذا طامة كبرى إذ تقلص من حجم الاحتفالية وتفاعلاتها الوطنية وتجعلها فعالية مغلقة مستعجلة بلا اثر  ثقافي مزمن. 

أدعوك إلى الانسحاب


-  أظن أننا حرصا على مصلحة الشاعرة الاستاذة الماجري ندعوها للانسحاب والخروج من إدارة ايام قرطاج الشعرية حفاظا على جريان نهر الحياة من الركود والتعفّن في ذوق ماضوي محدود، والتماسا لسلاسة سيلان ماء الابداع. ونلتمس من السيد وزير الثقافة لاختيار مدير شابّ شخصية نزيهة لا تفرّق ولا تقسّم ، شخصية لها رؤية ثقافية أدبية هاضمةٍ للتوجهات الوطنية للوزارة ، شخصية مستوعبة لدقّة المرحلة التاريخية ومقتضياتها الاجتماعية ومتماهيا مع متطلبات البلد وانتظارات شباب تونس الاعماق قبل تونس العاصمة.

تعليقات

  1. الّي جابها لتراميه العصا ليه

    ردحذف
  2. وزارة الثقافة عموما أكلها السوس من زمان وأقسد مزاجها الإخوانيات والشلليات انطلاقا من مهازل اتحاد الكتاب وانتهاءا بإدارة المطالعة مرورا بالمسامير الصدئة والوجوه الكالحة الغبيّة وزارة لا يرجى منها خير وليس مهرجان قرطاج فقط

    ردحذف

إرسال تعليق