كيف سألقى البصرة ؟

بقلم : محمد المي

بلاد أبي الأسود الدؤلي والحسن البصري ومحمد بن سيرين والخليل بن أحمد الفراهيدي والضاحظ وبشار والسياب وعبد السادة البصري ....كيف سألقاها؟  وهل يختلف الفرات عن دجلة؟

هي المرة الأولى التي سازور فيها البصرة كما كانت هي المرة الأولى التي زرت فيها بغداد فمن يشرب من دجلة لا بد أن يشرب من الفرات.

هي المرة الأولى كذلك التي سأحضر فعاليات المربد كعبة الشعراء وعكاظهم الذي ينتظم في البصرة ( منبته الأول ) ليجتمع فيه الشعراء من أنحاء البلاد وكل همهم قراءة الشعر ولا شيء غير الشعر.

لكل هذا أشعر أني اقدم على مغامرة وأستعد لخوض تجربة كما أشعر بمسؤولية ثقيلة فليست كل المدن متشابهة ولا كل المدن موحية ولا كل المدن لها الثقل التاريخي نفسه.

هناك مدن لا روح فيها وان علت مبانيها وبلغت من الفخامة مبلغا وقد زرت عديد المدن التي لم أشعر بوجودها ولم احس بوقعها ولم أشعر بروحها ولم تلامسني جدرانها ولم أكترث بناسها ولكن البصرة حتما سيكون وقعها غير الوقع.

كيف لا يكون وقعها غير الوقع وهي التي أنجبت العلماء والاعلام ومنها تعلم العرب ونهلوا؟  المشكلة اني اسأل نفسي بين الفينة والأخرى هل يحق لي ان انتعل حذاء أسير به في شوارعها ام أسير حافي القدمين عل بعض ترابها يعلق بساقي فأنال بركة الاجداد؟
هل سيوفقني الحظ واسير في الأماكن التي سار فيها الجاحظ ؟ واجلس في المقهى الذي جلس فيه السياب؟ 

تراود الأسئلة فكري وظني ...ولست ادري أيها أقرب مني.

حتما سأغتسل قبل دخول البصرة وأقدم ساقي اليمنى على اليسرى وساخلع نعلي ففيها عبق التاريخ وثقل الماضي وقدسية المكان وفي وجوه سكانها ملامح الاجداد فعلي تبصر الوجوه مليا والاعتماد على البصيرة قبل البصر لأن البصرة غير كل الأمكنة.

علمت ان سكانها يهددهم العطش وما أنا إلا العطشان الذي سيعزز عدد عطشاها؛ إذ كيف يدعي مدع انه يقدر أن يرتوي من البصرة؟
يكفي أن تشعر أنك تمشي في شوارع البصرة لتدرك انك قد رحلت في المكان وان زمانك الذي عشت لم يكن مجرد زمان .

كيف سألقى البصرة؟  أنني قادم إليك فرفقا  بي ياأرض الأجداد وعفوا أن تأخر حجي إليك ياكعبة العرب .

تعليقات