ليت كهرمانة في البصرة

بقلم : محمد المي

كهرمانة هي كما يعلم الجميع تلك المرأة الواردة حكايتها في قصة علي بابا والأربعين لصا وهي حكاية من حكايات الف ليلة وليلة كانت تصب الزيت الساخن في الجرار التي يختفي فيها اللصوص حتى تحرق جلودهم وتخرجهم من مخابئهم.
هذه القصة جسدها النحات العراقي الشهير محمد غني حكمت في تمثال بديع نصب في مدخل الكرادة وقد كان لي شرف التقاط صور إلى جانب التمثال البديع عندما شاركت في مؤتمر الأدباء والكتاب العرب سنة 2018 .

وانا اتجول في شوارع البصرة وامشي على كرنيشها الممتد تذكرت تمثال كهرمانة وقلت أن المكان الحقيقي لذلك التمثال هو البصرة عسى تكشف كهرمانة عن سراق البصرة فتشوي جلودهم شيا. 
ا
لبصرة ليست ملكا للبصريين وحدهم فهي ذاكرتنا وهي هويتنا وهي التي تعلمنا منها النحو والبيان والتبيين والعروض لذلك فإني لن اراعي مشاعر سكان البصرة لأن البصرة ساكنة في وجداننا وذاكرتنا.

كم كنت اتمنى ان أراها أفضل من الدوحة ومن دبي ؛ ولم لا تكون الأفضل وهي المدينة النفطية الغنية  بثرواتها الباطنية؟ 
في شط العرب مياه متدفقة تكاد تغمر المدينة والبصرة تشكو العطش؟

لا أفهم ولن افهم سوى أنها بليت بالسراق واللصوص وعديمي الوطنية إذ لا يحق لمدينة تسبح في الماء أن تعطش ولا شيء يفسر العطش إلا الفساد المنتشر فيها .

لقد عانت البصرة من الحرب الإيرانية العراقية لسنوات عديدة وبسبب تلك الحرب حرمت من التنمية والبناء والتعمير ويقال إن صدام كان يكره البصرة ...طيب الان وقد وضعت الحرب أوزارها وانتهى صدام حسين واندثر حزب البعث فما الذي يمنع الحكام الجدد من تمتنع البصرة بحظها في التنمية؟

من لم ير البصرة يموت حسرة

هذا مثل سائر بين الناس وليتني مت حسرة ولم أر البصرة على الشاكلة التي رأيتها عليها :
الكلاب السائبة في كل مكان .
القمامة لا عنوان لها في البصرة .
طرقات مكسرة وغير معبدة .
النفايات وحطام السفن والسيارات المهشمة في كل الأمكنة .
البضائع الصينية والدكاكين القصديرية حيث ترمي البصر تجدها أمامك .

شط العرب غير مستغل استغلالا أقل من الجيد إذ لو تم التفويت في كرنيشه لرجال أعمال لأصبح جنة على وجه الدنيا. 





ساءني ما وجدت عليه البصرة ولم أر نفسي غريبا يتحدث عن أمر لا علاقة له به أو مجرد زائر عابر سيعود إلى بلاده بعد كم يوم يقضيه بل وجدتني أشعر بأني إذا صمت ساهمت في المؤامرة وإذا لم أكتب سيحاسبني التاريخ وسيتنصل الجاحظ مني وينكرني بشار ويلعنني الفراهيدي ويبصق على وجهي ابي الأسود الدؤلي وسيدعو علي الحسن البصري ويشيح السياب بوجهه ...الخ

مسؤوليتي تفرض علي ترجمة الأنين الذي أنصت إليه من الجدران المتداعية لجامع المقام وحتى أسد بابل المزيف الذي يجثم على صدر إنسان أوصاني بأن أتحدث عن الكلاب السائبة التي تطوقه والرائحة الكريهة المتصاعدة من شط العرب .

الإساءة للبصرة هي إساءة للذاكرة والوجدان العربي المكلوم والشيء الوحيد الذي تستنتجه بعدما تتأمل حال البصرة هو أن أمتنا العربية تتعرض إلى مؤامرة يرمي من خلالها الأعداء إبادة كلية للعرب وكأن الأوساخ قدر والاعتداء على الرموز وتشويه المعالم ضرورة .

سيكون مآلنا حتما مثل الهنود الحمر وسينكر الواحد منا ذات يوم انتسابه لبني العرب .

وابصرتاه وما باليد حيلة فأنا اكتب حتى لا اتهم بالصمت لا تهمني الدعوات ولا تهمني الفنادق ولست معنيا بتوطيد العلاقات لضمان دعوة قادمة بل علي أن اخفف من مصابي في ذاكرتي ووجداني والانتصار لما يجب الانتصار له دون الخوف في الحق لومة لائم .
يجب فضح لصوص البصرة واعلامهم أن ريحهم النتن قد وصل إلى تونس متجاوزا الحدود.  فيفوا البصرة حقها ويحترموا تاريخها وثقل أعلامها المنارات فليس كثيرا على البصرة أن تكون أجمل وانظف وان تتحلى بأبهى الحلل لتكون عاصمة الثقافة العربية سنة 2020 

تعليقات