مناقشة هادئة لكتاب الحداد وبورقيبة 2

بقلم : محمد المي

لكي نجيب عن سؤال : لماذا حاول الدكتور لطفي الشايبي الايهام بأن الحداد قد تأثر بسيزار بن عطار علينا مطالعة كتابه الماصونية  (هكذاوردها بالصاد) في الوطن العربي زمن الاستعمار الأوروبي الصادر عن دار سوتيميديا وتحديدا ماورد عن سيزار بن عطار
يقول في الصفحة 87 من الكتاب المذكور :


والثابت بعد التحري أن الشيخ عبد العزيز الثعالبي انخرط فعلا في الجامعة التونسية للفكر الحر معية رفيقيه المحامي سيزار بن 
عطار والهاشمي السبعي المشاركين في تأليف كتاب روح التحرر في القرآن l'esprit libéral du Coran الصادر باللغة الفرنسية بباريس سنة 1905 وهي الجامعة الفكرية التي تعد إحدى فروع الدعوة الماصونية. .

ثم يضيف في صفحة 90 قوله :

ويلي تورط الشيخ الأول، تورط ثان تمثل في مضمون نص "الاهداء " الذي رافق النسخة الاصلية بالفرنسية للمؤلف الجماعي معية السبعي وبن عطار : روح التحرر في القرآن والذي أكد فيه صحبة رفيقيه مساندتهم سياسة " التسرب السلمي " la pénétration pacifique   التي توختها فرنسا لفرض حمايتها على المغرب الأقصى وواجب إقناع المسلمين الانصياع التام لحكم فرنسا  .
إلى أين يريد الوصول لطفي  الشايبي؟ 

سيزار بن عطار اليهودي التونسي الماصوني أثر في الطاهر الحداد والطاهر الحداد نتيجة التأثر كتب كتاب "امراتنا في الشريعة والمجتمع " فإن لم ينخرط الحداد في المحفل الماصوني فإنه تجرع سمه وما كتاباته حول المرأة إلا نتيجة تلك الجرعات التي تجرعها.

طبعا هذا كلام بعيد عن العلم والمعرفة الموضوعية والحياد التاريخي المطلوب من المؤرخ الثبت وسنسعى إلى إثبات أن منطلقات لطفي  الشايبي بعيدة كل البعد عن  الموضوعية والتاريخ والمعرفة وإنما هو يريد لي عنق التاريخ لارغامه على قول مايشتهيه هو .
لنسلم جدلا بأن سيزار بن عطار ساهم في تحرير روح التحرر في القرآن فهل من الثابت ان الفصل المتعلق بحجاب المرأة المسلمة هو من تحريره؟ وبذلك يكون هذا اليهودي الماصوني عارفا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟ 

لقد سبق واستعرضنا مؤلفات سيزار بن عطار وكلها تهتم باليهود سواء كتابه الصادر سنة 1923 البلد تحت الضوء الذي يتحدث عن التراث الشعبي لليهود والثاني الذي يتحدث عن المستوطنات اليهودية في تونس. .الخ فلماذا لم يؤلف سيزار بن عطار كتابا عن المرأة في تونس مادامت هذه المسألة من شواغله الفكرية؟ 

حسب لطفي  الشايبي سربها سيزار بن عطار إلى الحداد وانتهت مهمته الماصونية ! فعلا هذا الأمر يبعث على الضحك .
وهنا نسأل مؤرخنا الفذ الذي جاء بما لم تأت به الأوائل لماذا عارض الحداد سياسة الاستعمار بشدة في جميع كتاباته؟ 
لقد كتب الحداد منذ سنة 1921 في جرائد : الصواب والأمة وافريقيا ولسان الشعب عدة مقالات شنع فيها بسياسة الاستعمار ووصف الاستعمار بأشنع الأوصاف وهو ما يتنافى مع المبادئ التي يجب أن يتبعها الماسوني 
قال الحداد في جريدة الصواب بتاريخ 4 نوفمبر 1921 

"نحن اليوم بدون شك اشقياء بنظام نساس به في بلادنا (... ) أن السياسة الاستعمارية بعد بذل المجهودات الملية لا تعطي إلا الفاظا جميلة لطيفة ينام على نغماتها أهل السذاجة من البسطاء " 

وهذا دليل على وعي الحداد المبكر بطبيعة السياسة الاستعمارية وكونه يواجه مستعمرا يريد ببلاده الشر لا الخير فكيف يتحول من كان هذا ديدنه إلى ماسوني؟  ينجر إلى تطبيق المبادئ الماسونية دون وعي وكأنه الغر الذي وقع في فخ ؟ 
انظر مقاله كذلك المعنون ب " نحن والمستعمرون" المنشور في جريدة "الأمة " بتاريخ  23 أفريل 1922 
مما جاء فيه نورد : 

" ضاقت صدورنا واغتمت نفوسنا من هذه النوايا العدوانية التي نفذ بعضها والبعض كثير ونادت ألسنتنا بما يتمدد في صدورنا من آلام الاضطهاد فأبيتم علينا ذلك وقلتم إننا متامرون على تعكير الأمن. .." 

لماذا قاد الحداد مسيرة ضد تنصيب تمثال الكاردينال لافيجري؟  أين هي تأثيرات الفكر الماصوني ؟ ولماذا لم تفعل فعلها في الحداد ؟ 
ألم  يقاوم الحداد التجنيس؟  وكتب في جريدةالأمة بتاريخ 13 نوفمبر 1923 
التجنيس نكث للعهد
وكتب 
جنسيتنا بين الموت والحياة 
كيف يكون ماسونيا من كانت هذه كتاباته؟  وكيف يقبل المحفل الماصوني من كان عداؤه لفرنسا بهذا الوضوح؟  

ارجو ان يعيد مؤرخنا الجهبذ قراءة كتاب العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية الصادر سنة 1927 والذي صادرته سلطات الاستعمار ليدلنا على الميولات الاستعمارية وتأثير الماصونية على الحداد.وأدعو المؤرخ الدكتور إلى مطالعة مقالات الحداد في الدفاع عن جامعة عموم العملة وماقاله الحداد عن فرنسا المستعمرة 
لقد سبقني الحداد في الدفاع عن نفسه عندما قال : 

" أما إذا شئتم أن تقولوا أو تكرروا  كلمات الاستعمار والتجنس والكنيسة والإلحاد والزندقة وما إلى ذلك فيمكنكم أن تفعلوا ذلك حتى كورد لكم تثيرون به العامة علينا بدون حق وأما إذا أردتم الإنصاف فبينوا هذه التهم التي ترمونها علي من نصوص الكتاب حتى يعرف الناس حقيقة الأمر بالبينة فإذا بقيتم كما اليوم تثيرون الضجة باطلا لاغراء اللفيف من الناس والأميين فأنا سأظل معرضا عنكم وصامتا. وللعقلاء أن يحكموا على عملكم وعملنا أيهما الأولى بالرد والرفض " جريدة الزمأن بتاريخ 26 أكتوبر 1930 


التأثر يجب أن يظهر في المقالات والكتب التي كتبها الحداد وإلى حدود معارفنا البسيطة فإن الحداد كان معارضا شرسا لسياسة الاستعمار وفاضحا لنواياه ومحذرا الشعب من ويلات سياسته. 
لنا عودة

تعليقات