المهرجان الوطني للشعر بالمتلوي وتحدي الشيوخ

بقلم : محمد المي

اعتبر نفسي من أصدقاء المهرجان الوطني للشعر بالمتلوي إذ واكبته منذ سنوات وفي عدة دورات إعلاميا ومحاضرا واخيرا مكرما ويشهد الله اني لم اسع إلى التكريم بل فاجأني صديقي الشاعر الكبير سالم الشعباني وسرني منه ذلك وأثلجني ماقام به فأرجو أن أكون في مستوى آماله

لقد شاركت السنة الفارطة في الملتقى الذي ينظم في الفترة نفسها تقريبا وقد ابديت انزعاجي مما وصل إليه المهرجان الذي تركناه قبل الثورة وقد كان الشعراء يتشوفون للمشاركة في فعالياته وابدينا جملة من الملاحظات التي تنطلق من باب الغيرة على المهرجان بصفته مكسبا ثقافيا يعزز المكاسب المتحققة وقد مر من مهرجان المتلوي العديد من كبار النقاد والشعراء لذلك فإن دفاعنا عنه من باب الحب والإيمان بضرورة تواصله بكيفية مثلى.

لقد أخذ المنظمون كل الملاحظات التي ابديناها بعين الاعتبار وعملوا في هذه الدورة على أن تكون الأسماء نوعية إلى جانب التكثيف من عدد المداخلات النقدية والرجوع إلى ساحة تبسة لتكون كسوق عكاظ الشعراء مسرحا تصدح فيه القصائد بدل قاعة الأفراح التي جرت فيها الفعاليات في السنة الفارطة ...الخ

كل هذا يدل على أن لجنة التنظيم تسعى إلى التطوير والانصات إلى ملاحظات محبي المهرجان الوطني للشعر بالمتلوي . هذا المهرجان الذي يسهر عليه الشاعر الكبير سالم الشعباني فتراه حريصا على إرضاء الضيوف والقيام على خدمتهم طيلة أيام الملتقى مندمجا معهم ساعيا إلى تلبية حاجياتهم عاملا على أن تمر الأيام على أفضل ما يكون مراعيا التوازنات المحلية والجهوية والعشائرية أيضا.

ليس من اليسير مراعاة كل ذلك ومحاولة مسك العصا من وسطها خصوصا مع الشعراء وهم أصعب رهط ( ومعاداتهم ندامة  ) كما يقول المثل العربي القديم .

لا اذيع سرا اني قلت بيني وبين نفسي ما مصير هذا المهرجان العريق بعد سالم الشعباني ومحمد عمار شعابنية؟  هل هناك من يقدر على مراعاة التوازنات وارضاء جميع الشعراء والسهر على تنفيذ برنامج على امتداد ثلاثة أو أربعة أيام بلياليها ؟ 
نعرف الضغوط التي تمارس على مدير الدورة والاتصالات التي يتلقاها من الشعراء الذين يرغبون في المشاركة أو فرض أسماء للمشاركة ونعرف الاكراهات التي يخضع لها مدير المهرجان والمأزق الذي يتورط فيه جراء التأخير في تلقي منحة الدعم المالي سواء من شركة فسفاط قفصة الراعي الرسمي للمهرجان والتي تراجعت حظوظها بعد الثورة أو منحة وزارة الشؤون الثقافية التي لا توهب إلا بعد ملف دسمة من الأوراق والوثائق. ..الخ أضف إلى ذلك مشاكل النقل والإقامة ومفاجات الضيوف وطلعاتهم. ...
إن الوضع العام الذي أصبحت عليه الثقافة بعد الثورة بعد غلق اللجان الثقافية وغلق دور الثقافة ايام الاسبات والأحاد وتراجع ميزانية وزارة الثقافة وطغيان النفس النقابي على النفس الثقافي. ..الخ كل ذلك يجعل من العمل الثقافي مغامرة وان استمرار المهرجان الوطني للشعر بالمتلوي مثلا هو أمر كالتحدي أو المجازفة لذلك لا نستغرب ما طرأ عليه ونخاف على مستقبله بعد تخلي الشيوخ عنه . وان سالم الشعباني هو صمام الأمان حاليا لهذا المهرجان العريق ولا نعرف مصيره في قادم الدورات.

لكل هذا اقول أطال الله في عمر شاعرنا الكبير ومتعه الله بالصحة حتى يواصل زرع الفرح في الحوض المنجمي والقول أن زمان الشعر لم ينته.

تعليقات