الأعمال الكاملة لمحمد المصمولي (2)

بقلم : محمد المي

في المجلد الأول من الأعمال الكاملة أراده المصمولي أن يكون خاصا بالشعر فقد عرف صاحبنا ضمن كوكبة شعراء حركة الطليعة الأدبية ممثلا لاتجاه يكاد يكون الأول والأخير لا سابق له ولا لاحق حتى أن جماعة غير العمودي والحر الذين أرادوا لشعرهم أن يكون تونسيا خالصا لا شرقيا ولا غربيا أنكروا كتابات المصمولي وأفردوه أفراد البعير المعبد .

عن هذا قال ناقد حركة الطليعة محمد صالح بن عمر :

" لقد انطلقت تجربة محمد المصمولي الشعرية منذ 1963 بمجلة الفكر ، أي قبل ظهور اتجاه " غير العمودي والحر " في صلب الطليعة (1968 _1972 ) وخلافا لما كان متوقعا رفض إدراج نصوصه،  بعد ظهور ذلك الاتجاه،  تحت الشعار المذكور الذي وضعته المجلة ، معلنا تباين تجربته مع هذا اللون الجديد رغم خروج أصحابه مثله عن أوزان الخليل ومطلقا على اللون الذي يكتبه "القصائد المضادة " . فما كان من بعض الشعراء ل" غير العمودي والحر " ونقاده إلا أن اتهموه باستنساخ تجربة قصيدة النثر لمجلة شعر البيروتية منكرين انتماءه لحركة الطليعة التي دعت فيما دعت إليه إلى إحداث نمط شعري تونسي لا شرقي ولا غربي."

رغم كل هذا تميز المصمولي فيما اختار ولا يمكن لمؤرخ الأدب التونسي أن يغفل تجربة المصمولي أو المرور عليها مرور الكرام لأنها بكل بساطة مختلفة ونوعية.

عرف المصمولي بكتابه الشعري الأول " رافض والعشق معي " وبقي لسنوات بينه وبين الشعر هوة تتسع بمرور الأيام بل السنوات إلى درجة حسبناه ندم على ما كتب إذ هجر ماعرف به هجرا مليا وفي اعتقادي هجرانه ذاك يعود إلى سببين :

الأول : اختفاء مجلة الفكر وهي المنير الذي ترعرع فيه المصمولي أدبيا إضافة إلى التهمة التي وجهت إليه مع زمرة من " المزاليست " (نسبة إلى محمد مزالي )

الثاني : ظروفه الاجتماعية التي جعلته يتفرغ للإنتاج الإذاعي والتلفزي وقد أنتج مئات البرامج وليته ذكر بعناوينها _ على الأقل _ في أعماله الكاملة وقد استنزفته تلك البرامج مع ما تعرض إليه من عرقلة نتيجة بيروقراطية بائسة وعدم احترام المثقف في مؤسسة يفترض أنها الفضاء الارحب للمثقفين أعني طبعا مؤسسة الإذاعة والتلفزة. ولقد كان الشاعر الكبير أحمد اللغماني من أبرز من عرقل المصمولي ولولا الحماية التي كان يتمتع بها من مزالي والبشير بن سلامة لتم عزله عن عمله 
وبعد ذلك تعرض المصمولي إلى عرقلة من بعض الموظفين والمديرين في الاذاعة خاصة وقد كان لكل ذلك أي تأثير عليه .


طلع المصمولي بعد التوقف المشار إليه بمجموعتين جديدتين عنونهما ب:
في الصمت متسع من الكلام 
بياض الورقة 

وبذلك يكون المصمولي الشاعر قد انتج مايزيد عن الثلاثمائة صفحة شعرية رغم الظروف التي تحدثنا عنها وأشرنا إليها

وما يمكن أن يقال عن شعر المصمولي انه سيرة ذاتية فهو يكتب فيه همومه ويبثه نفاثة صدره وزفرات همومه فالمصمولي يتغلب على همومه بالكتابة وفيها آلامه وبها يصفي حساباته .

ومن يبتغي غير هذا من كتابات المصمولي كمن يقبض على الريح.
لنا عودة

تعليقات