مناقشة هادئة لكتاب الحداد وبورقيبة 3



بقلم : محمد المي

لقد عدنا إلى مقالات الحداد الصادرة في الجرائد المذكورة لنبحث فيها عن إشارة ولو ضمنية تؤكد التأثر بالفكر الماسوني الذي تسرب إليه من سيزار بن عطار أو الثعالبي كما أشار إلى ذلك مؤرخنا " النزيه " لطفي  الشايبي الذي قال:
"ونلمس هذا الخيط الرابط بين الطاهر الحداد ومسألة تحرير المرأة التي تناولها مباشرة بعد انتهاء الحرب عبر صحف " الصواب " و " الأمة " و" لسان الشعب " ناسجا على منوال المفكر الحر محامي الشيخ الثعالبي "سيزار بن عطار " 
فالحداد لم يكتب عن تحرير المرأة " مباشرة بعد انتهاء الحرب " (1914 _1918 ) ؟ 

إذ أن كتابات الحداد كما ذكرت بدأت سنة 1921 اي بعد انتهاء الحرب بثلاث سنوات فهل اختلطت الأمور في ذهن مؤرخنا؟ 

وماهي المقالات التي نشرها الحداد بعد الحرب ؟ هي هذه التي سنوردها بعناوينها وتواريخها وأماكن نشرها وكلها لا تتعلق بالمرأة :

"نحن وأخصامنا لدى الرأي العام 1" الصواب 15 جويلية 1921

"نحن وأخصامنا أمام الرأي العام 2" الصواب 12 أوت 1921

"نحن وأخصامنا أمام الرأي العام _النتيجة" الصواب 26 أوت 1921

"إلى النهضة! إلى النهضة!" الصواب 4 نوفمبر 1921

"نحن والمستعمرون " الأمة 23 أفريل 1922

"النهضة العامة كيف تنشأ وكيف تكون" الأمة 18 ماي 1922

"بيان لا رد " الأمة 18 ماي 1922

"كيف يقاوموننا في بلادنا وكيف العمل؟ " الأمة 25 جوان 1922

"الحاكم المعبود أو صورة من شقائنا النفسي والاجتماعي " 26 أوت 1923

"الدين والجنسية ومسألة اليوم " الأمة 14 اكتوبر 1923

"تلون السياسة الفرنسية،  انظر كيف ينقلبون! " الأمة 4 نوفمبر 1923

"التجنيس نكث للعهد " الأمة 13 نوفمبر 1923

"الصحافة التونسية مهددة بتحريش صحف الاستعمار " الأمة 13 ديسمبر 1923

وكل هذه المقالات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمسألة المرأة وسينقطع الحداد عن الكتابة بحكم انشغاله في تأسيس جامعة عموم العملة مع رفيقه محمد علي ولن يعود إلى الكتابة في الصحف إلا سنة 1925 دفاعا عن الحركة النقابية وفيما يلي عناوين المقالات التي لا صلة لها بمسألة المرأة :

"جامعة عموم العملة التونسية _ حول اجتماع 18 جانفي _ "إفريقيا 29 جانفي 1925

"حول تصريحات المقيم العام لأحد محرري جريدة المتان " الصواب 9 مارس 1925

"سياسة الجور والانتقام (الموقوفون بدعوى المؤامرة ) " لسان الشعب 1 أفريل 1925

"شئ من تصريحات المقيم العام لمكاتب جريدة البتي ماتان " إفريقيا 9 أفريل 1925

"البحث يجري ومن بعد ؟ " لسان الشعب 15 أفريل 1925

"أين المؤامرة من شهودها! " الصواب 24 أفريل 1925

" كلمات عديمة المنفعة "  إفريقيا 4 ماي 1925

"في بلادنا محرومين من الحرية " إفريقيا 11 ماي 1925

"سياسة الشك والاضطراب حول الجامعة " لسان الشعب 20 ماي 1925

"اعترافهم بحركتنا النقابية بعد إنكارها في قضية المؤامرة " إفريقيا 25 ماي 1925

"تشكل الاستعمار الأوروبي اصطباغه بالقانون حول المؤامرة " الصواب 10 جويلية 1925

"أغراض تونس الاشتراكية ضد الجامعة التونسية " لسان الشعب 12 أوت 1925

" الروح النقابية عندنا لن تموت " لسان الشعب 26 أوت 1925

" قساوتهم رحمة وانتقامهم عدالة " لسان الشعب 9 سبتمبر 1925

"مانعوا أو لا تمانعوا فالنقابة موجود طبيعي " لسان الشعب 7 أكتوبر 1925

"الاعتصابات عندنا تشويش " الصواب 18 سبتمبر 1925

" قرار دائرة التهم الفرنسية بالجزائر في قضية المؤامرة " مرشد الأمة 1 نوفمبر 1925

وهنا تنتهي مقالات الحداد في الصحف حول جامعة عموم العملة التونسية ليتفرغ لتأليف كتابه  "  العمال التونسيونوظهور الحركة النقابة " (1927 )  الذي ستصادره السلطة الاستعمارية وتبدأ حملة الرجعيين ضده عندما غمزوا إلى تكفيره وقالوا إن الحداد لم يبدأ كتابه بالبسملة  فرد عليهم بمقاله :

"حديث عن البسملة " في جريدة لسان الشعب بتاريخ 4 جانفي 1928

من هذا الجرد لمقالات الحداد نتبين الأخطاء التي وقع فيها " المؤرخ" وهو أخطاء غير مسموح بها لمن هو في مقامه

اول هذه الأخطاء أن الحداد لم يكتب عن تحرير المرأة " مباشرة بعد انتهاء الحرب "

ثانيها لم يكتب  عن مسألة المرأة في غير جريدة الصواب انطلاقا من سنة 1928 فكيف يسمح المؤرخ لنفسه الادعاء بأنه تناول هذا الموضوع في جريدتي الأمة ولسان الشعب ؟ هل يجوز للمؤرخ الجامعي أن يخطئ هذا الخطأ ؟ ألا يمكن حينها وصف كتابته بالتلفيقية؟ ألا يعتبر هذا مغالطة؟ ألا يمكن وصف ما أتاه بالاعتداء على الطاهر الحداد حيث نسب اليه ماهو براء منه؟ 

ان كاتب الكاتب ليس مجرد كاتب مبتدئ يتلمس طرق الكتابة بل هو جامعي صاحب أطروحة دكتواراه الدولة وكان مديرا عاما للمعهد الوطني للحركة الوطنية ؟ 

ثالثها أنه يؤكد أن الحداد بدأ في كتابة مقالاته عن المرأة مباشرة بعد الحرب ؟ أي بعد 1918؟ فأي مغالطات هذه ؟ وهل يجوز السكوت عنها ؟ علما وأنني ناقشته فيما أتاه في ندوة أعدتها زميلته قمر بن دانة  في المكتبة الوطنية سنة 2016 بعد أن استمعت الى المداخلة نفسها في نزل المشتل بتونس العاصمة في ندوة أخرى أعدها مركز البحوث والدراسات والتوثيق حول المرأة (الكريديف) وأعلمني سنة 2019 بأنه سيصدر هذا الكتاب وأشرت اليه راجيا بألا يعيد اتهامه المبطن للحداد بانتمائه للماسونية أو تأثره بفكر الماسونيين فأكد لي أنه لن يفعل حتى صدر الكتاب ووقفنا على هذا الذي نحن بصدده .




أعود لأسأل "المؤرخ" " النزيه" " الثبت " الدكتور لطفي الشايبي عن كيفية نسج الحداد على منوال سيزار بن عطار؟  وأين الخيط الرابط الذي يشير إليه؟  وماهي مقالات الحداد عن المرأة "مباشرة بعد انتهاء الحرب "؟ وقد استعرضناها كلها ولم نفرط في واحدة منها؟ 

كيف يسمح " المؤرخ "  " النزيه " " الثبت " لنفسه إلقاء التهم جزافا؟  وهو الذي يؤطر الطلبة في المراحل العليا من تكوينهم ويمكن أن يأخذوا كلامه على علاته دون التحري والتثبت لثقتهم في علمه ومعارفه وهو الذي شغل منصب المدير العام لمعهد الحركة الوطنية ؟

لهذا رأينا ضرورة الرد عليه بكتاب حتى ننبه الغافلين من خطورة الغمز واللمز ودس السم في الدسم انصافا للحداد من التهم الزائفة والسهام الطائشة التي تستهدفه حيا وميتا
ولنا عودة

تعليقات