الأعمال الكاملة لمحمد المصمولي (3)

بقلم : محمد المي

اواصل الحديث عن الأعمال الكاملة لصديقي المبدع الكبير محمد المصمولي الذي صدرت أعماله الكاملة عن الدار التونسية للكتاب بدعم من وزارة الشؤون الثقافية في ثلاثة مجلدات وقد سبق أن تحدثنا عن المجلد الأول وها إننا نتوقف الآن عند المجلد الثاني الذي خصصه للمقالات .

يتألف هذا المجلد من 574 صفحة وضم الكتب التالية :


ها أنت ...أيتها الثورة
من كناشات صاحب الغليون 
صانعو الحلم. ..صانعو الحضارة


وبقدر فرحي بصدور هذا المجلد فإني استغربت كيف سمح المصمولي لنفسه أن يغمط حقه ويبخس قدره عندما تخلى على كم هائل من مقالاته لم يعرها اهتماما فاقتصر على نصيب منها وأغفل نصيبا أخر فلقد كتب المصمولي في عدة منابر إعلامية كالفكر والصباح والعمل وبلادي والحدث. ..الخ بل كان رئيس تحرير الحدث واشتهرت مقالاته فكانت كتاباته موجعة كوخز الإبر وله أسلوب في الكتابة التهكمية لا يضاهي ومن أشهر مقالاته في هذا الصدد مقاله عن الأديب العراقي عبد الرحمان مجيد الربيعي فقد كتب المصمولي عمودا طويلا عن الربيعي لم يذكر فيه إلا كلمة عبد الرحمان مجيد الربيعي للتدليل على نرجسية هذا الأخير وامتلاءه بنفسه فقال المصمولي متهكما : 

إذا جلست إلى عبد الرحمان مجيد الربيعي يحدثك عن عبد الرحمن مجيد الربيعي فيقول لك عبد الرحمان مجيد الربيعي أن عبد الرحمان مجيد الربيعي. ..الخ وهكذا يسترسل في المقال إلى أن ينتهي ولم يذكر في كامل المقال إلا اسم الربيعي. 

هذه الطرافة في الهجاء لا تجدها إلا عند محمد المصمولي . والمشكلة أن هذا المقال غير موجود في أعماله الكاملة وغيره من المقالات الطريفة والهامة في تاريخ الثقافة التونسية  .

ربما تراجع المصمولي في مواقفه وعدل منها ورأى أن ما كان ممكنا وهو في سن الشباب غير ممكن في سن الشيخوخة فمارس الرقابة على نفسه وتخلى عن جزء من ماضيه وألقى في مهملات الذاكرة الكثير مما كتب ...ولكن هذا يطرح أكثر من سؤال :


هل يحق للكاتب أن يتراجع فيما كتب خصوصا وقد نشر بين الناس وعرف؟
ألا يعتبر ملكا للذاكرة ما كتبه الكاتب حتى وإن عدل في مواقفه وتراجع عنها؟
لماذا لا يمكن وصف تلك المقالات بالمرحلة في الحياة الفكرية للكاتب؟ 
ماذا لو طبعت أعمال المصمولي بعد وفاته ولم تنشر مقالاته تلك؟ 

لست متفقا مع صديقي المبدع الكبير محمد المصمولي على مافعله بنفسه ولا بكتاباته الصحفية بل أدعوه إلى التراجع عن موقفه وإضافة كتاب رابع يجمع فيه ما أهمله لأنه محسوب عليه بل سيأتي من الأجيال القادمة من سيتفطن إلى تلك المقالات ويكتشف أهميتها الوثائقية والأدبية ووقتها سيطرح السؤال المحير 

لماذا تخلى المصمولي عن تلك المقالات في زمن لا رقابة للدولة فيه على الأفراد؟

لنا عودة

تعليقات