عندما يغير الفن للواقع : دار الثقافة ابن رشيق

بقلم : محمد المي

جدارية خزفية تمسح حوالي 36 مترا مربعا تغطي واجهة دار الثقافة ابن رشيق بعد أن كان يلفها البياض كما يلف الكفن الأبيض جسم الميت .

بادرة تستحق التثمين حقا خصوصا بعد أن كان ذلك الفضاء لسنوات عديدة منذ تأسيس دار الثقافة ابن رشيق مرتفعا للاشيء أو ربما مساحة لاشهار عشوائي أو اعلانات انتخابية لم ير التونسي منها الخير.

من حظي أني كنت مواكبا لمراحل تلك الجدارية في المركز الوطني للخزف الفني بسيدي قاسم الجليزي عندما دعاني الصديق الخزاف مدير المركز محمد الحشيشة وقدم لي "أن " Anne كان يومها طلبة معهد الهندسة المعمارية بسيدي بوسعيد صحبة اساتذتهم جاؤوا لإعداد مربعات الخزف لتعزيز ال 1024 قطعة خزفية التي سيشارك في اعدادها حوالي 600 تلميذ وطالب من بنزرت خاصة .
من أعمال فردية صغرى تحول العمل إلى مشهدية واسعة وكبيرة تملأ عين الناظر وتحول بصره الذي طالما ملأه الفراغ لترقص فيه الألوان ويدرك انه يمر من أمام معقل تاريخي من معاقل الثقافة أعني دار الثقافة ابن رشيق.

دار الثقافة ابن رشيق التي تخرج من دهليزها كبار المثقفين والتي عرضت فيها أكبر المسرحيات واجمل الأفلام السينمائية وعرفت عصرها الذهبي مع مبدعين لأمعين قبل أن يصيبها الاكتئاب فتغلق أبوابها كالادارات التونسية وتنام ليلا وتصوم عن الثقافة في ليالي رمضان بسبب قانون بائس جاءت به الثورة المباركة ( نسبة إلى مهدي مبروك ) .

الأهم _ ول اريد الخوض في وجع الرأس _ أن سعادتي كبرت وانا ارى تلك الجدارية التي ذكرتني بقانون الواحد بالمائة وتزيين واجهات النزل والبنوك والعمارات من طرف الفنانين التشكيليين وتم تفعيله لسنوات لينسى بعدها نسيا منسيا. ..كما ذكرتني بالمشروع الوزاري الحالي القاضي بتجميل واجهات دور الثقافة في كامل تراب الجمهورية قصد فك عزلتها وإخراجها من وضعية البؤس والافتقار للمرافق والركود وقلة النشاط بسبب حل اللجان الثقافية ومراقب المصاريف العمومية والقانون الذي يلزم الفواتير الثلاث لشراء طلاسة أو بيدون جافال. ..أو أو وياله من بؤس.

لا غرابة أن تقوم ليلى طوبال بحركة من نوع الحركة التي قالت إنها سترجع دور الثقافة إلى سالف عهدها وفي اعتقادي يجب أن يتحرك كل مثقف غيور على الثقافة لتحرير دور الثقافة من الوضع الذي الت إليه وهو وضع يبكي ويوجع القلب .

لقد اسطردت أكثر من اللازم لأقول اني كنت سعيدا بتدشين جدارية خزفية على واجهة دار الثقافة ابن رشيق فشكرا للاجنبية "ان" Anne وشكرا للمركز الوطني للخزف الفني بسيدي قاسم الجليزي الذي ننتظر منه ثورة خزفية تغير بؤس المشهد .

مشروع نريد أن نراه لا في دار الثقافة ابن رشيق فقط بل في كل دور الثقافة لعل الفن يغير من حالها وينقلها من وضع بائس الى ما هو افضل

تعليقات