كلمة نجل الطاهر بن عمار يوم تدشين شارع باسم والده

تم يوم الاثنين الفارط تدشين شارع باسم المناضل الطاهر بن عمارمن طرف رئيس الجمهورية محمد الناصر وحضور ثلة من الشخصيات الوطنية والشارع المذكور يربط بين قرطاج وسيدي بوسعيد من جهة جامع العابدين وقد تفضل نجل المناضل السيد الشاذلي بن الطاهر بن عمار تلاوة كلمة ننقلها حرفيا 




بسم الله الرحمان الرحيم
 الفاضل المحترم سيادة الرئيس ، السيّدات و السّادة الضيوف الكرام
إسمحوا لي سيادة الرئيس أن أتوجّه إليكم بأسمى عبارات الشكر و التقدير لهذه اللّفتة الكريمة إذ تفضّلتم  بتدشين هذا الشارع الذي يربُط  بين مدينتي قرطاج و سيدي أبي سعيد و الذي أُطْلِق عليه اسم الطّاهر بن عمّار بقرار من مجلسي بلديّة قرطاج و بلديّة سيدي أبي سعيد وبهذه المناسبة أتقدّم إلى أعضائهما بالشكر الجزيل و أخصّ بالذكر الدكتورة الفاضلة حياة بيّوض رئيسة المجلس البلدي بقرطاج و الفاضل رئيس بلدية سيدي أبي سعيد السيد خليل الشريف حفيد المرحوم الأستاذ العميد عزالدّين الشريف .
و إنّي لأذكر سيادة الرئيس أنّكم كنتم أوّل شخصيّة سياسيّة تفضّلت بتهنئتي إثر الخطاب الذي ألقاه سيادة الرئيس الباجي قائد السبسي رحمه الله في إحياء ستّينّية الاستقلال  وها أنا اليوم أعبّر لكم عن صادق امتناني لما عبّرتم عنه في كلمتكم اليوم من كرم النّفس و الاعتراف بالجميل لوالدي ولكل من ناضل في سبيل تونس وعزّتها .
و يطيبُ لي أن أذكّر بأن الرئيس الباجي قائد السبسي رحمه الله قد أولى الطّاهر بن عمّار مكانة هامّة في خطابه  يوم 20 مارس 2016  را دّا الاعتبار له  و إرجاعه المكانة التي  هو جدير بها ورافعا المظلمة التي أُلحقت به بعد خمسة عقود من النضال الوطني  الذي كان من أهم مراحله تأسيس الحزب الدستوري سنة 1920 رفقة المناضلين عبد العزيز الثعالبي و أحمد الصافي و علي كاهية و أحمد توفيق مدني و غيرهم  وقيادة الوفد الدستوري في ديسمبر 1920 إلى فرنسا للدفاع عن القضية التونسيّة و المطالبة بإصلاحات و خاصّة ببرلمان، وفي سنة 1944 تأسيس و رئاسة الجبهة الوطنيّة التي كانت تجمع جميع القوى الفاعلة في الرأي العام التّونسي: (الحزب الحرّ الدستوري ، الاتحاد العام التونسي للشغل وجميع المنظمات القوميّة و الحركة المنصفيّة و الزّيتونيّين ).
وفي سبتمبر 1952 ترأس الطّاهر بن عمّار مجلس الأربعين الذي تصدّى بالرّفض لبرنامج الإصلاحات الذي قدّمه المقيم العام دي هوتوكلوك إلى لمين باشا باي وأنجر عن ذلك اغتيال المرحوم فرحات حشاد يوم 5 ديسمبر 1952و المحاولة الفاشلة لاغتيال الطّاهر بن عمّار في مناسبتين.
(وفي أواخر جانفي 1952 فضح الطّاهر بن عمّارعمليّة تمشيط الوطن القبلي من طرف الجيش الفرنسي وترأس أيضا الجبهة الوطنيّة قي أفريل 1954 لإدانة ورفض الإصلاحات السيئة التي أراد المقيم العام الفرنسي فوازار و محمّد صالح مزالي الوزير الأول آنذاك فرضها على لمين باشا باي قصد تركيز السيادة المزدوجة).
إن هذه المسيرة الطويلة التي لم تعرف فتورا ولا يأسا و لا شكا هي التي أهَلت الطّاهر بن عمّار لنيل الإجماع حول شخصه لرئاسة الحكومة الشعبيّة التفاوضيّة يوم 8 أوت 1954   وقيادة المفاوضات التونسيّة – الفرنسيّة لنيل الاستقلال و هو ما كلّل بالتوفيق و كان للطّاهر بن عمّار شرف الإمضاء يوم 20 مارس 1956 على بروتوكول الاستقلال الذي ألغى معاهدة الاستعمار و الاعتراف علنيّا باستقلال تونس و إثر ذلك كان للطّاهر بن عمّار كذلك شرف تنظيم أوّل انتخابات بالإقتراع العام عرفتها تونس لانتخاب يوم25 مارس 1956  أعضاء المجلس التأسيسي ثمّ تنصيبه يوم 8 أفريل 1956 بقصر باردو ورغم ذلك كلّه ظلّ الطّاهر بن عمّار عشرات السنين مُغيّبا وظلّت تضحياته و الأعمال الجليلة في سبيل تونس و عزّتها مخفيّة نتيجة سياسة التعتيم و التضليل بالرغم من أنّ حياته كانت في توحّد تام مع معركة المصير الوطني و قد طبع مسيرته الطويلة بخاتم الخلود .
سيادة الرئيس، إّنّ هذه اللّفتة الكريمة تُعَبّرُ عن الوفاء لجيل المناضلين الذين نَذَرُوا حياتهم لِرفْعة تونس ومَجْدِهَا و إنّها مُناسبة لإنارة الشباب  وإذكاءِ الرُوح الوطنيّة حتّى يَعْتبِرُوا بجيل الآباء المؤسّسين لتونس الحديثة الحُرّة المستقلة الكريمة . ولا شكّ أنّكم سيادة الرئيس بهذه اللّفتة الكريمة تُساهِمون في تصحيح تاريخ  الحركة الوطنيّة حفاظا على ذاكرة الشعب و إنصافا لكلّ من ناضل وضحّى في سبيل وطننا العزيز.
توفّي الطّاهر بن عمّار في شهر ماي 1985 و لم يَصْدُر أيّ بيان  رسمي و لم تُنظّم جنازة وطنيّة.
و هكذا رحل الطّاهر بن عمّار وسط تعتيم إعلامي فكانت جنازته كما قال الكاتب الفرنسي شاتو "بريان بريئة من مظاهر التعاظم متحلّية بثوب العظمة".
و أختم سيادة الرّئيس كلمتي  بقوله تعالى في سورة النجم :"وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى و أنّ سعيه سوف يُرى ثمّ يُجزاه الجزاء الأوفى " صدق الله العظيم . شكرا سيادة الرّئيس ، شكرا سيّداتي سادتي الكرام على حضوركم و على حسن الاستماع .عاشت تونس حرّة، وفيّة لرجالها البررة، مُتحدّة على الدوام قلعةً منيعة متحصّنة بوطنيّة أبنائها متحفّزة من وضعها حالي إلى آفاق أجْدَرَ بانتظارات شبابها و طموحاته و إرجاع الأمل له.

تعليقات