ونجحت أيام قرطاج للفن المعاصر في دورتها الثانية

ماهي المقاييس التي تجعلنا نقول إن تظاهرة ثقافية نجحت؟
أولا - هل تم التوصل إلى تحقيق البرنامج المعلن عنه ام لا ؟ 
ثانيا - هل حققت التظاهرة غاياتها أم لا ؟ 
ثالثا - هل وجدت التظاهرة تجاوبا وتفاعلا أم لا ؟ 
وغير ذلك كله هراء وكلام لا معنى له .

هذه التظاهرة هي من تنظيم وزارة الشؤون الثقافية أي تستهدف شريحة المثقفين والجمهور الواسع لأن الثقافة حق للجميع وليست حكرا على فئة دون أخرى وقد حققت أيام قرطاج للفن المعاصر في دورتها الثانية مايلي: 

أولا - عدم الخضوع إلى المركزية الثقافية عندما انطلقت فعالياتها من تطاوين والقصرين وفي هاتين المدينتين تم :

- إبراز المخزون التراثي واعطاء إمكانيات اخرى لاستغلال الآثار .
- تنشيط الشارع وإبراز كيفية تحويل فضاءات مهجورة ومهمشة إلى فضاءات ممكنة للحياة .

- خلق حركية داخل الجهات وأشعار متساكنيها بحقهم في الفن وان الفعل ينطلق منهم .

ثانيا : إبراز مخزون الدولة من الفنون التشكيلية وطمأنة الفنانين على مقتنيات الدولة في انتظار المتحف الموعود حين تم عرض بعض مقتنيات الدولة في بهو مدينة الثقافة .

ثالثا : النجاح في خلق فضاء للعرض دون الالتجاء إلى فضاءات بلدية تونس حيث اقتصر العرض على مدينة الثقافة رغم أن مايسمى بالمتحف أبوابه موصدة لأن هناك تحضيرات لافتتاحه في ديسمبر القادم ودار الفنون مغلقة للإصلاح ...ورغم ذلك تم خلق فضاء للعرض .

رابعا : تنوع فضاءات تنشيط الأيام وعدم الاقتصار على مدينة الثقافة .

 _ معرض الحفر والرسم في متحف باردو.
_ الندوة الفكرية في قصر النجمة الزهراء.
_ معرض المعلقات الإشهارية في قصر العبدلية.
_ حلقات النقاش والتكريمات في مدينة الثقافة .

خامسا : الحضور الدولي الذي يؤكد دولية التظاهرة مع الحفاظ على الدورية المنتظمة .

لقد لاحظنا في الافتتاح والاختتام الحضور الكبير للعديد من المتابعين والمتفاعلين مع الفن التشكيلي سواء من الفنانين أو الجامعيين أو الطلبة ( رغم قلتهم؟) الصحافيين والأدباء والشخصيات الوطنية ...الخ .

هذا يعطي للفن التشكيلي حظوة غير معهودة ويبرزه كمعطى ثقافي أساسي كان في السابق مهمشا أو ثانويا مقارنة بالسينما والمسرح مثلا .

اذا لاحظنا الفرق بين الدورة الأولى وما حف بها من غموض وقارناها بهذه الدورة ندرك بيسر الفرق اذ لربما كانت الدورة الاولى صادمة فتعامل معها الفنانون باحتشام في حين أن هذه الدورة لاقت اقبال مختلف الأجيال وواكب فعالياتها عديد الأسماء انطلاقا من الصادق قمش وحياة المؤدب القاسمي مرورا بالحبيب بيدة وفاتح بن عامر وسناء الجمالي وعلي الزنايدي ولمين ساسي وحمادي بن سعد ومنى الجمل وليلى الركباني وليندة عبد اللطيف  وهدى رجب وهيام القطي ونجاة الذهبي ... وعشرات الأسماء  الفاعلة والهامة في المشهد التشكيلي التي لم يكن حضورها مجرد حضور بل كان فاعلا سواء بالعرض أو الحضور لمواكبة الندوة أو حلقات النقاش 

هي دورة تحمل اسم الفن المعاصر الذي يعني الفن الذي ينجز الان وهنا لا بالمعنى الغربي الذي غادر اللوحة المسندية لأن المعرض الذي أقيم في مدينة الثقافة أغلبه ينتمي الى الفن الحديث ووجدنا نماذج من الفن الجديد كالفيديو والتنصيبات الفنية والصور الفوتوغرافية وقد دل ذلك على ثراء الفن التشكيلي ببلادنا وتعدد نماذجه وكانت الدورة الثانية لأيام قرطاج للفن المعاصر فرصة لابراز المخزون واتاحة الفرصة للعرض الجماعي 

كذلك يمكن تسجيل أن الخيمة التي اقيمت في مدينة الثقافة (بقطع النظر عن رمزيتها الحضارية كخيمة وما توحي به في المخيال الجمعي ومدى استجابتها للتطابق مع معاصرة الفن ) فان ماجمع تحتها من أعمال لتونسيين وغيرهم من الفنانين من جنسيات مختلفة أكد أن العديد من التجارب التونسية تعانق العالمية وأن لدينا من الفنانين الكبار الذينأنجزوا أعمالا أفضل بكثير من الأسماء الأجنبية المشاركة وهذا هام للغاية من دورة تدعي العالمية والا مالجدوى منها اذا لم نخرج منها بالمقارنة ونعرف الحدود التي نقف فيها مقارنة 
بالمنجز العالمي

يتبع

تعليقات