الفاضل الجزيري يحتفي بعلي بن عياد

بقلم/ فتحي الخراط

شاهد روّاد مهرجان أيام قرطاج المسرحية يوم السبت 7ديسمبر مسرحية" كاليغولا" انتاج المسرح الوطني وإخراج الفاضل الجزيري في افتتاح المهرجان. ومعلوم ان المسرحية كان قدْمها علي بن عياد مع فرقة مدينة تونس سنة1966. وقد عمل فاضل الجزيري على تقديم قراءة جديدة لنصّ ألبير كامي

وكدأبه دائما فإن الفاضل الجزيري يخضع العمل الذي يقوم به إلى رؤيته الخاصة في الكتابة والتي تعتمد على استبطان النصّ الأصلي والانطلاق منه نحو آفاق أرحب من خلال توليد الأفكار والمقاربات مع مجموعة الممثلين الذين سيؤدّون الأدوار. وقد استغرق عمل الورشة التي اشتغلت على النصّ عدّة شهور حتّى تبلورت الرْؤية فإذا هو نصّ ينأي عن النصّ الأصلي ولا يأخذ منه إلاّ دلالته الرّئيسية وهي أن العنف ينسف التعايش ولا ينتج إلا شخصيات معطوبة والحال إن النصّ الأصلي يعالج تيمة الألم الناتج عن الوحدة وعدم القدرة على التواصل

ويُعرض هذه الأيام في قاعات السينما فيلم "قيرة" للفاضل الجزيري وهو مأخوذ أيضا عن مسرحية أخرجها علي بن عياد سنة 1968 وكتبها عز الدين المدني وهي مسرحية" ثورة صاحب الحمار" . 

بدأ الفاضل الجزيري العمل على المسرحية بعد حدوث الثورة بأسابيع قليلة بحيث بدأت التمارين في ماي 2011. وقد حشد لها مجموعة من الممثلين الشباب وأشركهم كما هو الحال دائما في مخاض إعادة صياغة النصّ فانضافت لنصّ عز الدين المدني شخوص جديدة للتعبير عن السّياق الذي تقدّم فيه المسرحية التي جاءت قراءة مغايرة لقراءة علي بن عياد وان حافظت على الفكرة الرئيسية وهي أن من يقود ثورة لا بدَّ أن يكون رحب الصّدر ليتعايش مع من يختلف معه في الرأي وإلا يكون مسكونا بطموح فرداني أناني لأن ذلك يقود إلي العنف. والعنف يهدم ولا يبني. ثمّ قدّم الجزيري العمل في شكل فيلم سينمائي ملحمي

اللافت في العملين(كاليغولا وقيرة) إنهما يحيِيَان تراث رجل المسرح الاستثنائي علي بن عيّاد ويتحدّثان عن الزمن الراهن بلغة تحيل إلى قاموس الجزيري المميّز الذي لا تخطئه الأذن. قاموس لا انفصال له عن محتواه يمتح من الدارجة التونسية المصقولة والمنمّقة ترتقي بالحوار إلى ما يشبه الشعر في إيقاعه وجرسه وتحيلنا الي كتب التراث الشعبي والسّير الملحميّة فتضفي على العمل فرادة وأصالة مرتبطة وملتصقة بإبداع هذا الفنان القدير


تعليقات