نجا ...سندباد النور

مع الرسام التونسي نجا المهداوي عاشق الحرف العربي   سندباد النور  
 
بقلم : ريم العيساوي 

 فنّان عبقري يحظى بشهرة  عربية و عالمية ، من الذين  سعوا  إلى تأسيس تجربة عربية للحرف والعلامة تستغْوِر الأعماق الدفينة للذات العربية  دون السقوط  في  الزخرفية  الساذجة  وفي السطحية الدلالية  بإعادة إنتاجه ضمن قراءة جديدة  ، إنّه الفنان المتحرر من الشكل الغرافيكي للحرف العربي وهو المغامر  في البحث عن جوهر دلالته الأصلية  .  هو الحروفي التشكيلي التونسي نجا المهداوي من أبرز الفنانين العرب وقد أصبحت لوحاته منبع إلهام لعديد المبدعين.         
   قال  عنه اللبناني شربل داغر  في كتابه الذي طبع في روما سنة 2005:"  أعماله  مفتوحة على صياغات تأويلية وتاريخية وجمالية،  يمدّ فيها الخط وصاله مع شرايين الضوء، فتقيم علاقات جوار وودّ، وتنير عيوننا ببهجة اللقاء.     تحضر الهندسة ويحضر معها المعمار ليصوغا معا رؤية أخرى للعالم الذي نعيش فيه، رؤية فنية تُزهر فيها الحروف والخطوط كحدائق غنّاء... تهتزّ    الألوان طورا وتتداخل الخطوط طورا آخر في رسوم أو مخطوطات ساحرة تروي الكثير عن تراثنا وعن ثراء الحضارة العربية " .
  
 صاحب تجربة فنية ثرية متفرّدة ، تمتدّ على طول السنوات من  1966 إلى 2018  .وظّف الحرف العربي بأسلوب جمالي متحرّر ا من كل  الأطر ، فنان      يؤمن بأن الهوية هي حوار مع الآخر  وانفتاح فسيح على الأفق الإنساني ، طرّز اسمه وتوقيعه  على صفحات الثقافة التشكيلية العربية  والعالمية بكلّ جدارة واقتدار،  لمنهجه التشكيلي لغة خاصة وطابع تجريدي خاص وله فلسفة خاصة في فنّ الخط   حيث يتناغم في          

   لوحاته  الحَرف مع التشكيل والزخارف  بشكل رمزي تعبيري وبشاعرية  مدهشة. فنّان  له حضور مشع وبريق ساطع  ومؤثّر  على الساحة  الفنية المحلية والدولية .  طرّزت لوحاته  أغلفة العديد من الكتب لكبار الكتاب العرب من بدر شاكر السياب إلى جبرا إبراهيم جبرا ، في تجربة  بوّأته التصدر على فن الجرافيك في العالم العربي،  قامة من قامات الفنّ التشكيلي العربي ومن كبار المبدعين المؤصلين والمجدّدين في تونس، يقيم في الحرف زمانا ويذوب فيه ، تغريك لوحاته بتناسقها وإشراقاتها البصرية فتعتريك حالة انتشاء صوفي  هو عاشق الحرف العربي يستمدّ منه النور  والرمز والدّلالة .  

التزم بمسار جمالية الحرف حتى عُرف «بمبدع الحروفية»، واءم بين الإيقاع الحرفي و التقاطعات الهندسية والزخرفيات ، ممّا أكسبه تياراً شاعرياً شديد التأثير . تنوّعت تجربته في الرسم والتشكيل، فطوّع المواد والوسائط  ،بفضل اختياره المفتوح  ،فهو   على صفحات هذه المواد  يطرّز  سمفونية الحروف على :( قماش ، ورق ، ورق البردي ، ورق مقوى ، طباعة بالشاشة  الحريرية ، كتاب ، ملصق ، تصميم ، منحوت ، ألومنيوم ، نحاس ، ميلامين ،  جلد الطبول والمنسوجات   والسجاد ، والسيراميك ، والخشب ، والمجوهرات ، والزجاج الصلب الملون ، والطائرات وجدران البنايات الخ )  ، يتعامل مع  هذه الخامات  محررا لها من جمودها ، حتى أنه نعت  بخطاط الحروف الراقصة   إنّ عملية توظيف الطائرة وانسيابيتها محلقة جوا لهذا الغرض الفني  التخطيطي المتحرك بانسيابية الحرف وروحه الملازمة  له.ويرى في هذا أمرا حضاريا إذ تبرز لوحاته على الطائرات المتنقلة عبر مطارات العالم أن للعرب إبداعا متأصلا في حضارتهم ومعبرا عن حاضرهم.

تعليقات