مع الصائمين ‏: ‏الاستاذ ‏الحبيب ‏شيبوب ‏(3من ‏30)

يتوهم من لا بصر لهم بتاريخنا الحافل المجيد أن العرب في ماضيهم البعيد لم يعرفوا من ألوان الطعام والشراب الا الأسود من الخبز والتمر وما بينهما من السمن والماء وأغلب الظن أن البساطة التي كان عليها النبي والخلفاء والايمة من أهل الزهد قد أوحت للمتأخرين هذا الوهم العريض .
وليس ذلك بشيء على أية حال فأن العرب قد عرفوا من ألوان الطعام في زمانهم ذاك مايدلل على أن أغلبيتهم الساحقة كانت في بحبوحة من العيش الرغيد .
قال الأحنف بن قيس دخلت على معاوية فقدم لي من الحار والبارد والحلو والحامض ماكثر تعجبي منه ثم قدم لونا لم أعرفه ماهو فقلت : 
ماهذا ؟ 
فقال : مصارين البط محشوة بالمخ قد قلي بدهن الفستق.
وكانت العرب تضرب المثل بصفرة معاوية وثريد غسان وفالوذج ابن جدعان ويذكر أن ملوك غسان كانوا يختصون من بين ملوك العرب بالطيبات ولهم الثريد التي أجمعت العرب على أنه ليس هناك ثريدة  أطيب منها والثريدة على بساطتها كانت في مقدمة ماتؤثره الخاصة والعامة من الطعام .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سيد الطعام الثريد 
ولمنزلة الثريد عند فريش سموا عمرو بن مناف هاشما حين هشم الخبز واتخذ منه الثريد وفيه يقول الشاعر 
عمرو العلا هشم الثريد لقومه 
                                 ورجال مكة (.... ) عجاف
وكانوا يقدمون اللحم على كثير من الطعام حتى أن الحسن البصري كان اذا طبخ لحما قال لمن معه : 
هلموا لي طعام الاحرار وفضل بعضهم اللحم على التمر بقوله : 
قرتتي عبيد تمرها ولحومها
                                 سنام مصراة قليل ركوبها
فهل يستوي شحم السنام اذا شتا 
                             وتمر (جواثا) حين يلقى عسيبها

يتبع

تعليقات