انتهازية ‏الحكم ‏وسرقاته ‏وظهور ‏ابن ‏غذاهم ‏الجديد ‏

هل ستدفع انتهازية الحكم و سرقاته المتتالية  الى ظهور بن غذاهم جديد...؟

بقلم : المولدي العنيزي

في ربيع 1864 ، اندلعت من بر الفراشيش و تحديدا اولاد مساهل بربوع ماجر ثورة العربان كما يسميها الأستاذ توفيق البشروش، اندلعت هذه الانتفاضة ووحدت عدة قبائل تحت امرة علي بن غذاهم الماجري و كان سببها المباشر مضاعفة ضريبة المجبى او الاعانة من 36 ريال الى 72 ريال وما زاد في سخط هذه القبائل الثائرة هو استثناء العائلات المخزنية و الحواضر الكبرى كتونس و صفاقس و القيروان و المدن الساحلية من هذه الضريبة التي وجهت أساسا للرعية و الطبقات الاجتماعية الأقل حظا.
تشير المصادر التاريخية و خاصة ما كتبه أستاذنا محمد الهادي الشريف او توفيق البشروش او فوزي السعداوي او بقية اساتذتنا المؤرخين لتاريخ تونس الحديث والمعاصر أن أسباب ترفيع المجبى تكمن أساسا في عجز خزينة الايالة جراء السرقات المتتالية بدءا بمحمود بن عياد الذي شغل قابض المالية و اختلس 60مليون فرنك وفر هاربا الى فرنسا سنة1852 ثم نسيم شمامة الذي سرق 20 مليون فرنك و فر هاربا مع بداية الانتفاضة الى إيطاليا وصولا الى الوزير الاكبر او ما نسميه بـ السارق الاكبر مصطفى خزندار و الذي أثقل كاهل الخزينة بديون وصلت الى حدود 300 مليون فرنك طيلة النصف الاول من القرن التاسع عشر و الذي اوصل البلاد الى انتصاب لجنة الكومسيون المالي  الأوروبي سنة 1869 و هو ما يعادل اليوم صندوق النقد الدولي وما ترتب عن ذلك من فقدان السيادة الوطنية والقرار الوطني مختتما بانصاب الحماية و دخول البلاد تحت  الاستعمار الفرنسي لتعود القريحة الشعبية من جديد بالقول "...الله يكب ايام الصادق خان -هرب خلى الكرسي لجوان..."

نعود لانتفاضة باي الشعب و نقارن الأحداث بأحداث اليوم ، فتلك الثورة كانت أساسا ضد الطبقة السياسية المتعفنة و البلاط الانتهازي المحيط بمحمد الصادق باي، حتى ان ابائنا المؤسسين للادب الشعبي في تونس قد نادوا " الله ينصر بن غذاهم جماعة الباطل فياهم...(كتاب الأغاني الصادق الرزقي)..."ثم ان كل مايصيب الوهن و العجز الخزينة، تتكبد الرعية التضحية تماما مثل حال حكومتنا اليوم و حكوماتنا المتتالية فكأنما بهذه الدولة قد طبعت مع الفساد السياسي المخزني بالأساس و مع النهب المتواصل والذي فصل البلاد الى حكام لا يعرفون منها غير الغنيمة و بين شعب ذاق الهزيمة تلو الهزيمة ،و كما يصفها استاذنا محمد الهادي الشريف" ببلاد المخزن وبلاد السيبة "، فهل لازال الاوان لم يحل بعد لميلاد بن غذاهم جديد عله يعدل هذا التغول و يصيب المشهد بالصدمة المأمولة التي تعيد للتونسي كرامته و إنسانيته و تعيد انبتاته في أرضه و ووطنه و حلمه من جديد؟؟؟

مولدي العنيزي باحث في التاريخ الثقافي و الاجتماعي( لازال يتحسس طريقه)

تعليقات