حسن ‏جغام ‏الناشر ‏المشاغب

بقلم : محمد المي

برحيل حسن جغام يكون قطاع النشر قد خسر ركنا من أركانه اذ لم يكن حسن جغام ناشرا عاديا .
قبله رحل التيجاني المحمدي وابو القاسم محمد كرو  وعلي بوسلامة وعلي العسلي وابنه صالح ومحمد المصمودي وحامد العلويني  ومحمد بن اسماعيل ومنصف الدبوسي ..الخ . 
لم يكن حسن جغام ناشرا عاديا فقد بدأ حياته مكافحا فقيرا يمتلك مكتبة صغيرة انتهت الى امبراطورية نشر نرجو ان تستمر بعد وفاته وتوفق ابنته في مواصلة مشروع والدها مثل وفق أوس العلويني وبدر الدين الدبوسي من أبناء الناشرين الراحلين .
اسم دار المعارف
كما هو معلوم فان اسم دار النشر التونسية مأخوذ عن اسم دار النشر المصرية المأسوف على اختفائها وقد انجر عن هذا الاخذ عدة مشاكل عانى منها حسن جغام في البداية ولكنه عرف كيف يتجاوزها بذكائه 
طفق الراحل يعيد نشر الكتابات المصرية لطه حسين واحمد أمين والعقاد والزيات وقد انجر عن ذلك عدة مشاكل في مصر اولا وفي تونس لاحقا حيث لم يتم منحه الدعم على الورق واوقفت ادارة الاداب شراء كتبه رغم ان اثمانها بخسة ورغم ذلك لم يتوقف الناشر ولم تثنه المسألة عن مواصلة النشر معتمدا على الكتاب المدرسي لتجاوز مصاعبه .
معاركه 
لم يكتف حسن جغام بدور الناشر بل خاض غمار الكتابة فكانت أولى كتاباته للأطفال ثم اقتحم ميدان التحقيق إلى حد ان العديد من معارفه شككوا في كونه المحقق الاصلي لتلك الكتب وان وراءه أستاذ جامعي معروف مغرم بكتب الجنس طبع له حسن جغام عدة كتب ومنهم من نسبها الى أستاذ جامعي أخرى من قرية مجاورة لحمام سوسة 
المهم ان المظنون فيهما لم يصرحا بما نسب اليهما بل أنكرا وبذلك فان حسن جغام هو مؤلفها وصاحبها ولعل أهم كتاب ألفه هو مذكرفات ناشر الذي نشره قليل احداث 14 جانفي 2011

في ذلك الكتاب أثار عدة مشاكل تتصل بواقع النشر وذكر اسماء ناشرين وكتاب معروفين مما دفع بالبعض الى مقاضاته من ذلك ماحدث له مع احمد خالد وزير الثقافة الاسبق حيث استمرت المعركة بينهما الى السنوات الأخيرة 

ومعركته مع مفتي الجمهورية التونسية الشيخ محمد المختار السلامي الذي رفض طبعة دار المعارف التونسية للقران الكريم نتيجة أخطاء في الطباعة وقد وصلت المعركة بينهما للقضاء كذلك 

لم يخرج من معاركه منتصرا ولكنه كان يشعر بفرح كبير مادامت خسائره مالية لأنه قال مايريد قوله ونفس كربة من كربه فالمال مخلوف كما كان يردد .

أما فيما يتعلق بالاستاذ أبو القاسم محمد كرو فقد كان بينهما ود كبير وطبعت دار المعارف اربعة كتب الاستاذ كرو هي : 
كلمات الى الشباب 
دراسات في التاريخ و التراث
الدكتور الحبيب ثامر كما عرفته 
عبد الوهاب البياتي كما عرفته
وكانت بينهما مراسلات وجلسات وتبادل هدايا ومعايدات بل ان سلسلة مكتبة طه حسين كان مديرها أبو القاسم محمد كرو الذي اعد كتابه طه حسين والمغرب العربي لينشر فيها ضمن كتب أخرى وقع الاتفاق عليها في عقد ممضى بين الطرفين وفجأة انقلب حسن جغام على مرو رحمهما الله والف جغام كتابا كاملا في شتم كرو وثلبه وقد رفض الاستاذ كرو الرد على الكتاب رغم ان البعض حرضه على رفع قضية ضد حسن جغام .
تألم الاستاذ كرو صمتا وتوالت الايام ومرت الى أن طبع ناشر مصري يدعى سامح كريم كتابا عن طه حسين فكتبت ثلاثة مقالات في الرد على الكتاب وجرت بيني وبين سامح كريم عدة ردود أشعل نارها حسن جغام رحمه الله لأنني كنت منحازا الى الاستاذ كرو 
بعد معركته مع احمد خالد قرر حسن جغام اعادة العلاقات مع الاستاذ  كرو الذي كان صدره رحبا وعفا وتجاوز 
بعد وفاة الاستاذ كرو التقيت حسن جغام في معرض تونس الدولي الكتاب وقد عبر لي عن ندمه على مابدر منه تجاه الاستاذ 
من طرائفه

نشر عدة كتب الاستاذ بوزيان السعدي وانتهى بينهما الأمر الى خلاف وبعد سنوات عادت العلاقات بينهما ورغب الاستاذ في اعادة نشر كتبه من جديد في دار المعارف فكتب سي حسن العقد وطلب من بوزيان امضاءه في البلدية فلما قرا هذا الأخير العقد رفض لأن أول بند في العقد ينص على ان يلتزم الكاتب بعدم شتم الناشر وثلبه في مجالسه في مقهى باريس لأن بوزيان في فمه منشار كما كان يقول عنه الاديب الليبي علي مصطفى المصراتي
رحمهما الله واطال الله في عمر المصراتي
واخر لقاء كان بيننا في المعرض الوطني الكتاب التونسي في مدينة الثقافة وقد قال لي انه بصدد تأليف كتاب جديد وانه ترك أمر النشر لابنته واوصى القائم على الجناح بأن يعطيني اي كتاب احتاجه 
مايعجبني فيه انه تحدى عصاميته ووضعه المادي وخلق من القوة ضعفا فعاش كما يريد ولم يمر في صمت بل كانت حياته سجلا حافلا من المعارك والسعي لاثبات الذات
رحمه الله رحمة واسعة 

تعليقات