مع الصائمين / الأستاذ الحبيب شيبوب (14من 30) ‏

مع الصائمين / الأستاذ الحبيب شيبوب (14من 30)

                                                                            

روى الأصمعي قال لي الرشيد يوم عزم فيه على تأنيسي

ياعبد الملك أنت أحفظ منا ونحن أعقل منك  لا تعلمنا في ملأ (جمع مليء ) وهم أشراف القوم  ووجهاؤهم ولا تسرع إلى تذكيرنا في خلاء واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال  فاذا بلغت من الجواب قدر استحقاق  فلا تزد زاياك والبدار  إلى تصديقنا وشدة العجب بما يكون منا وعلمنا  من العلم  مانحتاج إليه على عتبات  المنابر وفي فواصل المخاطبات  ودعنا من رواية حوشي الكلام  وغرائب الأشعار  وإياك وإطالة  الحديث  إلا أن نستدعي ذلك منك ومتى رأيتنا صادقين  عن الحق فارجعنا إليه  من غير تقرير بالخطأ ولا إضجار بطول الترداد

قال الأصمعي

فقلت له ياأمير المؤمنين إنا إلى حفظ هذا الكلام أحوج مني إلى كثير من البر وسئل عمر بن العلاء

هل كانت العرب تطيل؟

قال نعم ليسمع منها

قيل فهل كانت توجز ؟

قال نعم ليحفظ عنها.

وقيل لسفيان بن عيينة

قد استنبطت من القرآن كل شيء فأين المروءة فيه؟ فأجاب / في قوله تعالى خذ العفو وامر بالمعروف واعرض عن الجاهلين

ففيه المروءة  وحسن الأدب ومكارم الأخلاق  فجمع في قوله خذ العفو صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين  وغير ذلك من أخلاق المطيعين

ودخل في قوله واعرض عن الجاهلين الحث على التخلق  بالحلم والاعراض عن أهل الظلم  والابتعاد عن منازعة السفهاء  ومساواة الجهلة والأغبياء وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة

ووصف عتبة بن أبي سفيان كلام العرب بقوله

إن للعرب كلاما هوارق من الهواء وأعذب من الماء  مرق من أفواههم  مروق  السهام من قسيها بكلمات  مؤلفات إن فسرت بغيرها عطلت وان بدلت بسواها  من الكلام استصعبت  فسهولة ألفاظهم  توهمك  أنها ممكنة  إذا سمعت  وصعوبتها  تعلمك أنها مفقودة  إذا طلبت 

هم اللطيف فهمهم بلغتهم نزل القرآن وبها يدرك البيان  وكل نوع من معناه مباين لما سواه  والناس إلى قولهم يصيرون  وبهديهم يأتمون هم أكثر الناس  أحلاما وأكبرهم أخلاقا 

وروي أم عبد الله بن عباس  رضي الله عنهما قال

ما انتفعت بكلام أحد بعد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ما انتفعت بكلام بعثه الي علي بن أبي طالب رضي الله عنه

كتب إلي

أما بعد ’ فان المرء  يسره إدراك مالم يكن ليفوته ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه  فليكن سرورك  بما نلت من أمر اخترت وليكن أسفك  على مافات منها وما نلت من أمر دنياك فلا تكن  به فرحا وما فاتك  منها  فلا تأس عليه جزءا  وليكن  همك ما بعد الموت 

وقال بعض العلماء

اتق مصارع الدنيا بالتمسك بحبل المروءة واتق مصارع الأخرى بالتعلق بحبل التقوى  تفز بخير الدارين  وتحل أرفع المنزلتين


تعليقات