شجن

شجن 

البشير المشرقي

=== 
شجنٌ ترقرقَ في حشا الورقاءِ  
أذكى حنيني للخميل النائي 
 
بالله يا حظَّاً تبسّم للورى :  
رفقاً بقلبٍ، تاه في الظّلماء 
 
أنا لست مثلك يا حمامة، فاهدلي،  
فبداخلي ليلٌ، بلا أضواء 
 
غنّيتُ مثلك، والغصونُ تصيخ لي،  
لكنّ شدوي ضاع في الضّوضاء 
 
لم أدرِ كيف أضعته، في لحظةٍ،  
وغدوت مثل الموجة الخرساء 
 
غنّيتُ من عمق الجراحِ قصائدي،  
كانت أريجاً، فاح في الأنحاء 
 
عصفت بغصني الرّيحُ، ما تركت لنا 
غيرَ الأسى، في تِلكُمُ الأحشاء 
 
يبكي الغمامُ إذا اعترضته، ضارعاً،  
يهمي على مرجٍ، بلا أشذاء 
 
ما كنت أحسب – والعطور تحيط بي –  
أنّ الرّبيعَ تلاه فصل شتاء 
 
كلُّ الأهازيج الّتي قد صغتُها،  
جفَّتْ، وما بقيت سوى الأصداء 
 
يبكي الفؤادُ بحرقةٍ، لهفي على 
قلبي الذي يبكي على الأشلاء !  
المركبُ المنهارُ تاهَ، ولم يعد 
من رحلةِ الأرياحِ، والأنواء 
 
وبقيت أومئ للضّفافِ، وما بدا  
نجمٌ، ولا قمرٌ، يعيد رجائي 
 
يا أيّها اللَّيلُ الّذي كابدتُهُ :  
هل من صباحٍ، عاد بالأضواء ؟ 

فيطير قلبي، في عبيره، صادحاً،  
ويذيب لحنَ الحُبِّ، في الأرجاء 
 
وأظلُّ أنتظرُ الرّبيعَ، بنورِهِ،  
وعطوره تهمي، على أفيائي 
 
أنا لست مثلك يا حمامةُ، غرّدي،  
أنا طائرٌ، قد تاهَ، في الأجواء 
 
يا دوحةَ النّارنجِ في روضِ الحمى :  
سُقيا لفيئِكِ، فاحَ في الأفياء 
 
مازال بي توقٌ، وشوقٌ عاصفٌ،  
لخميلةٍ، في الرّوضة الغنَّاء 
 
أهفو إليها، والدّيار تلوح لي،  
رغمَ البعادِ، كجنَّةٍ فيحاء 
 
وا لهفَ قلبي ! كم يطولُ به الأسى !  
وصباحه ما عاد للأضواء ! ... 
البشير المشرقي – تونس

تعليقات