أيام قرطاج السينمائية يضيّع البوصلة

أيام قرطاج السينمائية يضيّع البوصلة


بقلم : راضي التريمش


غريب أمر وزارة الثقافة فهي تلغي مهرجانات وتحافظ على أخرى. وواضح أنها تفتقر إلى رؤية متّسقة في المجال. ومعلوم ان المهرجانات السينمائية بما فيها الأكثر عراقة قد ألغت نفسها كمهرجان كان السينمائي الدولي الذي يعتبره سينمائيونا مَلِك المهرجانات،فيما اختارت مهرجانات أخرى ان تنظّم on line.
وحسنا فعلت هيئة مهرجان قليبية الدولي لأفلام الهواة إذ أعلنت ان دورة 2020 لن تنظّم  وستكتفي الجامعة بتنظيم ورشات تكوين وتدريب وإقامة حلقات تفكير حول مواضيع هامّة مثل إنقاذ الذاكرة السينمائية الوطنية من الإهمال في حين أن ايام قرطاج السينمائية  سيتمّ تنظيمها بإدارة المخرج رضا الباهي الذي 
 أعلن في إحدى القنوات التلفزية ان المهرجان سيعرض الافلام المتوّجة في الدورات السابقة. ويطرح هذا التوجّه، اذا صحّ ان نعتبره كذلك، عديد الاسئلة المُلِحّة.
_ ماقيمة مهرجان دونما مسابقة؟ ذلك ان أهمية الJCC تكمن في كونه مهرجانا ذا مصداقية وان الفوز بجوائزه يعتبر شهادة لا لبس فيها عن جودة الانتاجات المتوّجة وان لم تسلم بعض الدورات من الوقوع في المجاملة والحسابات الضيقة كما حدث في دورتي 2015 و2016 واللتين شابتهما شبهات فساد وصلت إلى القضاء وهيئة مكافحة الفساد. ولئن بتّ القضاء فيما تعلّق بدورة 2015 فإن هيئة مكافحة الفساد أهملت الموضوع لأسباب نجهلها ولكن يمكن أن نُخمِّنها.
_ الافلام الفائزة في الدورات السابقة سبق ان عرضت في عديد المناسبات : في 84 بمناسبة الدورة العاشرة وفي 2004 بمناسبة الدورة العشرين وفي دورة 2016 بمناسبة خمسينية المهرجان وخمسينية السينما التونسية. فما الجديد الذي سيغري الناس بالذهاب إلى القاعات لمشاهدة أفلام قد شبعت عرضا.؟
جلّ الافلام الفائزة في الدورات السابقة لا تتوفّر منها نسخ مرقمنة وجيّدة تضمن فرجة جديرة بمهرجان دولي يخطو نحو بلوغ ستين سنة على تأسيسه وجديرة أيضا بجمهور متطلّب تعوّد الآن على مشاهدة الافلام عالية الجودة. ولنأخذ الأفلام التونسية كمثال. هل في حوزة وزارة الثقافة او المركز الوطني للسينما والصورة نسخة مرقمنة من فيلم "السّفراء" الحائز على أوّل تانيت ذهبي للسينما التونسيّة سنة 1976 او فيلم "عزيزة" سنة 80 او فيلم "ريح السدّ" سنة 1986 او فيلم making of  سنة 2006. ام ان الجمهور سيجد نفسه يشاهد نسخا مهترئة لا تستجيب لأيّ شروط فنيّة مُلزِمة لكلّ مهرجان يحترم نفسه وجمهوره.؟
_ اذا كان هذا محتوى المهرجان فما الداعي لتلك الكتيبة من العاملين في اعداده فكلّ يوم تطالعنا أنباء عن انتدابات جديدة. فما الداعي لذلك وماهي المقاييس المعتمدة في ذلك؟
اخشى ان يكون الانتداب خاضعا لاعتبارات جهويّة واخرى فئويّة وأجندات لا علاقة لها بالحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد.
ما يحزّ في نفسي في كلْ هذا هو وضعية مدير عام الدورة الصديق رضا الباهي، أغزر السينمائيين التونسيين انتاجا واكثرهم تتويجا وأقدرهم على إقناع الممثلين العالميين بالمشاركة في افلامه مثل Julie Christie و Ben Kazzara و Patrick Bruel ومارلون براندو لو لم يختطفه الموت، وهو صاحب مسيرة فريدة ومميّزة انطلقت من نادي سبنما الهواة بالقيروان ب"عتبات ممنوعة" ثمّ كانت الرحلة بدءً ب"شمس الضباع" مرورا ب"الملائكة" ثم "صندوق عجب" وصولا إلى "زهرة حلب" ٠ ورغم هذه المسيرة الزاخرة بالانجازات يجد نفسه مسؤولا عن دورة لا تليق بتاريخه ٠وكان يمكن ان يُسند تنظيمها للمكتبة السينمائية التونسية بإدارة الصديق هشام بن عمار محاطا بعدد من المتطوّعين وذلك عين الحوكمة وحسن التصرّف في المال العام. ولنا عودة للحديث عن المدير الفنّي وما أدراك ما المدير الفنّي. 🇹🇳

تعليقات