لم ينتظر بعض المنتمين للطليعة تأسيس نادي القصة ليفكروا وينشطوا وينشروا

ثم كنا حريصين محمود التونسي وسمير العيادي وأنا على كتابة رواية واحدة يبدعها كتاب ثلاثة معا وهو فعل ابداعي لا سابق له ووحيد الخضراوي كانت له اهتمامات موسيقية تونسية عديدة بالاضافة الى نشر قصائده الجميلة وعنايته بالتأليف المسرحي . وساسي حمام كان يكتب القصة القصيرة ويجيد كتابتها الى جانب ترجماته العربية من لغة آداب افريقيا السوداء

لقد اتسع نطاق الطليعة وكثرت أعمالها ومشاريعها ’ وكان المنتمون اليها على اتصال بمجلة الفكر  وبمجلة قصص فيقدم اليهما ما كتبوه من ابداع لنشره على صفحات احدى المجلتين نظرا لضيق المجال في الملحق الثقافي لجريدة  العمل واكتظاظه من جراء المادة الغزيرة للنشر

ولا شك أن القارئ يدرك أن الطليعة كانت قطبا ابداعيا يصدر كلّ أسبوع مقابل شهرية صدور مجلة الفكر وصدور مجلة قصص غير المنتظم أحيانا ولربما كانت تصدر أحيانا كلّ ثلاثية تقريبا . وما عزز النادي صدور كتب تحتوي على مجموعات قصصية لأعضائه ولاحياء كتّاب قصصيين سابقين ظلوا شبه مجهولين كعلي الدوعاجي وقصصه القصيرة والجيدة مثلا.

ان الفكرة التي اقتنع بها المنتمون للطليعة وآمن البعض منهم بعد مناقشات مستفيضة هي ان يبني الكاتب التونسي الجديد بعد استقلال تونس سنة 1956 ان يبني كيانه المتميز وان يعبد دربه الراهن والآتي وان لا يسلك سكة غيره . وهذا المبدأ كأنه فرضية عمل رياضية يجب استيعابها وحلّ مجهولها ليبلغ الكاتب التونسي ساحل النجاة .

ولم ينتظر بعض المنتمين للطليعة تأسيس نادي القصة ليفكروا وينشطوا وينشروا أعمالهم رغم ندرة امكانيات النشر بين الخمسينيات وأول الستينيات . فلقد كتبوا وظلت كتاباتهم في الأدراج كما أشرنا في بداية هذه الخواطر . فكاتب هذه السطور مثلا قد كتب أجزاء من قصة الأنسان الصفر وقرأها في مطلع الستينيات على الصديق العزيز والخدين الملازم محمود بلعيد نماذج منها بعد ان كتب رواية "حومة سيدي منصور " وقرأ صفحات منها على صديقه الحميم الذي شاركه يومئذ نفس الهموم الادبية قراءة وكتابة وبعدها رواية "الا تذكرين" في شكل سمفونية التي تربيت على سماعها والتي نشرت نماذج منها ايضا بعد سنوات عديدة وبالتوازي مع كل ذلك كتب قصصا قصيرة نشرها بين جريدة "العلم" الاسبوعية حيث كان العفيف لخضر يكتب وبين جريدة العمل الحزبية . فلا اطمئنان لتواريخ النشر في مجلة قصص ولا في مجلة الفكر ولا حتى على صفحات جريدة العمل والتأريخ الحقيقي انما هو تأريخ الابداع لا تأريخ النشر الصالح للبحوث الجامعية المتعلمنة على حساب العلم والايجابية ايضا في عمل المؤرخين والدليل على ذلك أن محمود المسعدي كتب السد سنة 1938 ونشرها في اواسط الخمسينيات .


تعليقات