نعم، أنا قارئ " الشعب يـــــــــــوريد " ‏

توفيق العلوي

نعم، أنا قارئ " الشعب يـــــــــــوريد " 

" الشعب يـــوريد" لافتة رفعت اليوم، الإثنين 1 جوان 2020 باعتصام الرحيل بباردو، إخراج لفظيّ جديد  " الشعب يوريد نظام جديد ريأسي " لشعار الثورة " الشعب يريد ..."، إخراج بأخطاء غير مقبولة أحلّلها دون غمز ولمز، ودون تفاصيل كثيرة، لفهم تفكير مواطن لحظة كتابة اللافتة دون وعي منه بداهة، إنّما اللغة آليّة لفكر قد نفهم منه نزرا قليلا.

إشباع لفظيّ للحرف الأوّل في الفعل (ي) يمثّل ركيزة البنية الصوتيّة، ومدّ صوتيّ ظهر في صورة بصريّة لافتة للنظر، من يراها يسارع بالترحمّ على النحو والصرف، ويبكي سيبويه ويعتبر " لغتنا في خطر".
كلّ الحكاية أنّ إشباع حرف الياء عمليّة غير واعية لحظة الكتابة يمكن أن تفهم على أنّها تأكيد على قوّة الإرادة والإلحاح عليها، هي " للإقناع والإشباع " كما قال أستاذنا الفقيد توفيق بكار، فكأنّ فعل " يريد " في الشعار المرفوع زمن الثورة ما كان كافيا لتحقيق المطالب، فوجب دعمه اللفظيّ، فزيادة اللفظ هنا لزيادة المعنى وتكثيره، وهذا يسمّى " التناسب الطردي ".
ويمكن بهذا أن نعتبر " يو " سيميائيّا في نطاق الفعل أيقونة بلغة "بيرس " Peirce  ، فالأيقونة علامة يربطها بموضوعها ومرجعها شبه ما، والشبه هنا " تكثير اللفظ : ي ← يو ، وتكثير المعنى : الإرادة القويّة.
والناظر إلى " يو " يلحظ استقلالا نسبيّا لها عن بقيّة الكلمة، فهي بعيدة عنها بالقدر الذي لا يحتاجه البعد في دلالة على التركيز عليها والاهتمام بها، فهي منارة اللافتة المرفوعة وجوهرها المبرز قيمتها.

وتلك المسكينة " ريأسوي " فكلّ المسؤوليّة على الهمزة، فهي حرف لا يقرّ له قرار، متزحلق متقلّب، سائح في أرض الكلمة، يغيّر مواقعه ومبادئه كبعض نوّاب مجلس النوّاب، تراه متنقّلا في الكلمة "فوق الحرف، تحته، آخره..." غير أنّ الأهمّ في هذا أنّ الهمزة علامة أيقونيّة كذلك، فقد كتبت وإن خطأ متصدّرة وسط الكلمة، ومرفرفة فوق الألف بما يناسب رفعة الرئاسة ومقامها، فالرفعة شبيهة بالرفعة وتعبّر عنها. 

نعم، أنا قارئ " الشعب يـــــــــــوريد ".

تعليقات