تكويني الفكري والإبداعي لا يوافق نادي القصة


عزالدين المدني

وعلى كل فما كتب كاتب هذه الخواطر من القصص والروايات بعد انخراطه في نادي القصة بل هو المشارك في تأسيسه وانما قبل النادي بسنوات . ومهما يكن من أمر فهو يتأسف لفقدان نصوص تلك الأعمال الأصيلة الخطية ونُسخها المرقونة ’ ولم يبق منها الا المنشور . لكن تاريخ المنشور ليس حجة على تاريخ الابداع عند بروزه كما أشرنا أول ما كتب كان خلال سنة 1957 واطلع عليه أستاذنا محمد المرزوقي رحمه الله فقد كان المشرف على نشر الكتابات الأدبية في جريدة الزهرة اليومية المسائية أو في جريدة النهضة  للشاذلي القسطلي اليومية المسائية أيضا واستحسن ما وجهته اليه وأجازني حسب المصطلح القديم ونصحني أن أثابر اذا أردت أن أكون كاتبا مبدعا . وطوال السنوات التي عرفته وعرفني فيها لم يكن يبخل علي بالنصائح الصادقة  النزيهة ’ وكأنه كان يعتبرني أحد ابنائه رحمه الله

وخلال تلك السنوات التي أشرت إليها آنفا - وكنت يومئذ رئيس تحرير مجلة اللغات التي كان يمولها ويصدرها أحمد ابن الخوجة شهريا أو كل شهرين اثنين تعرفت على الدكتور الطاهر الخميري فانتبه الي وصرنا سريعا صديقين رغم تفاوت السنوات والأعمار والثقافة بيننا . وكان يستشيرني في اللغة وفي الأمثال العامية وفي الأخلاق الاجتماعية العامة ومن أنا حتى يصغي الي الدكتور الطاهر الخميري والى ما أقوله وكان ينتقد التفخيم للغة العربية واستعمال اللغة المتفاصحة والمتقعرة ولا يحب الاعتداد بالنفس في الشعر العربي القديم كما في قصائد المتنبي وأبي العلاء وكان يشتكي من سلوك الشاعر مصطفى خريف الذي شتمه وسبه بخصوص الخلاف بينهما حول قيمة شعر أبي الطيب

لقد تعلمت من مواقفه وأفكاره التواضع ورفض المزاعم والادعاءات ’ كادعاءات بعض المثقفين خلال سنوات أخيرة /وأنهم هم الذين أسسوا رابطة القلم الجديد وأسسوا الطليعة وعرفوا بالكتاب والشعراء التونسيين القدامى الذين ظهروا في فجر القرن العشرين واشتهروا في الثلاثينيات ثم سقطوا في الإهمال والنسيان والاندثار

وتوثقت صلتي به على صعيد الثقة وحسن الظن فكان أول قارئ لأعمالي الإبداعية مثل مجموعة أحاديث المنشورة ضمن كتابي "خرافات" .وبعد القراءة كان يناقشني نقاشا مركزا في كل كبيرة وصغيرة من النص لا بوصاية بل بوصفه ندا لي وبوصفي ندا له ولا عجب من موقفه هذا  رافضا أن يدعي لمخاطبه أنه أعلم منه بل أعلم من الناس كلهم ولم يكن يتحدث عن شخصه وسيرته وحياته في المهجر الأوروبي وثقافته الموسوعية إلا بإشارات وومضات ...ثم عرفت تفاصيل عيشه وأسرته وآرائه في ابن خلدون وشكسبير وعلي بن عياد وصراحة أقول / إن تكويني الفكري والإبداعي لا يوافق نادي القصة ولا يتفق معه بتاتا اللهم إلا بعض الاستثناءات ...

تعليقات