لهذا غادرت نادي القصة


عزالدين المدني

لقد تعودت بالنقاش والتساؤل واقتراح البديل إذا أمكن . وقد تخلقت بكل هذا مع أصدقائي الكتاب والفنانين ’ لا سيما  وقد بدأت أتعلم الفلسفة وأنا في ست أول الشباب وأتربى على الأفكار والمفاهيم والمصطلحات الفلسفية والفنية التشكيلية والأدبية الابداعية من حيث الجماليات خاصة . ولم يكن يُعرف عني هذا الغرام الفكري حتى أقرب الأصدقاء الي طوال سنوات الشباب وبدايات الرجولة . لكن لماذا كنت أكتمه ؟ لا أدري اليوم.

تعلمت النقاش ’ ونصحني من علمني أن أكون حرا في أفكاري وفي نفسي ’ بليغا صادقا نزيها . وقد كنا نضرب الأمثال بما كان يسلكه سقراط بين شعاب الإشكاليات حسب ما كتبه أفلاطون طبعا ’ خاصة في كتابه بروتاقوراس والبرمينيدس .

لم أكن أبحث عن تعجيز من أناقشه وأقارعه بالحجة الدامغة مقابل الحجة الدامغة ’ بل كنت أريد أن أفهم ما يقصد كاتب القصة وما يرمي إليه من الدلالات والغايات ولماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ وأيان ؟

ذلك هو النقاش المحتوي على التساؤل والسؤال أما البديل فهو تقديم الأمثلة من الأدبين الحديثين العربي والفرنسي والأجنبي عامة . وكنت أرمز بذلك لكي يكتب الكاتب التونسي الحديث والجديد ما يضاهي محتويات بعض تلك الأمثلة كرواية رباعية الإسكندرية و"البحث عن الزمن الضائع " و "جان كريستوف " و " سفر إلى آخر الليل " ..

كنت اضرب تلك الأمثلة وسواها ولا أتبجح بها ولا بقراءتها ولا بفهمها ولا بإبداع شيء بقلمي بما ينافسها ويزاحمها تعبيرا وفنا وعبقرية ’ وإنما لضرب الأمثلة والتنبيه ولفت العناية إليها ’ لا غير . كل ذلك يناقض ما أعيه من نقاش مخاطبي لي . كان بعضهم وهم قلة قليلة لا يستسيغون نجاح قصة وقيمتها الموضوعية والشكلية وإلا بما يوافق ما تكونوا به وتصوره من اللغة والمواضيع والأشكال وفنون السرد ولا ولن يتجاوزوه أبدا ’ ومنه أيضا ينتخبون الناجح من القصص والبسيط الرديء ولا نقاش لهم بعد ذلك ولا كلام ولا سلام بل تحلّ السخرية من الآخر المناقش محل الصدق والنزاهة والإخلاص .

قاطعت نادي القصة مقاطعة مدّة أسابيع وشهور وأعوام ’ وليس في نفسي ضغينة ولا كره ’ وبقيت أعمل داخل الطليعة وذلك بإصدار "العمل الثقافي " الأسبوعي بتوصية من الوزير الشاذلي القليبي رحمه الله إلى أن توقف بسبب الكاريكاتور المنشور على صفحاته


تعليقات