التشكيلي الجزائري الذي ‏غادر ‏تونس ‏حزينا

بقلم : محمد المي

عشق تونس وأحب فنانيها ومثقفيها ورفض الرجوع إلى الجزائر تاركا أهله واصدثاءه هناك متخذا له كل أهل الفن عوضا .
لكنه لم يعش عيشا هانئا في تونس حيث كان يكتري شقة في عمارة بنهج قرطاج في تونس العاصمة وهو النهج الذي كان يمتلك فيه كاتب النشيد الجزائري مفدي زكرياء قاعة سينما 
كان يقاسمه في تلك الشفة شخص آخر لأنه غير قادر على دفع معينات الكراء وحده  . تلك الشفة التي لم يكن فيه غير السرير الذي ينام فيه والطاولة التي يكتب عليها وتتكدس فوقها قصاصات الجرائد والمجلات التي كتبت عن تجربته الفنية وعدة لوحات تستند الى الحائط .
كان يرغب في بيع لوحاته تلك بأثمان مرتفعة ويرفض رسم سواها حتى يتخلص من عبئها وكان يصر على المشاركة في المعارض الجماعية ويحتج على لجنة الشراءات ان رفضت اقتناء لوحاته وكثيرا ما كانت اللحنة ترفض شراء لوحاته 
تكونت بيني وبينه صداقة يفضل الفنان التشكيلي الصديق علي الزنايدي وكانا ينويان تأسيس جمعية ثقافية وطلبا مني الانضمام اليهما فوافقت في البداية فاذا بالفكرة تتبدل واقترحا علي تكوين ناد ثقافي يجمع بين اللقاءات الأدبية والفنية ويكون مقره شقة عمار عللوش مع امكانية إضافة ورشة لتعليم الرسم والتلوين ...
كان عمار يطلبني وتستغرق مكالمته ربع الساعة أو أكثر حتى ينفد رصيده فأكلمه فلايتركني إلا بعد أن ينهي رصيدي
وفي كل مكالمة كان يحدثني عن تاريخه وتاريخ علاقاته بجماعة مدرسة تونس وغيرها من أحاديث الذكريات وكثيرا ما كان يطلب مني مخاطبة الوزير حول وضعيته لأنه كان يعيش الخصاصة 
اخر مشاركة له كانت في رمضان السنة الفارطة عندما اقام منتدى الفكر التنويري التونسي ندوة حول الشاعر منصف المزغني أصر عمار على الحضور واصر على التدخل عندما فتح باب النقاش فاذا به يقرأ مداخلة دامت حوالي ال10 دقائق حاولت في أكثر من مرة انهاء تدخله فلم يكن يبالي فيما كان الصديق سامي بن عامر يرمقني ضاحكا مؤكدا ان عمار اذا أخذ الكلمة لن يتوقف
عاش اخر أيامه معزولا وحيدا ، كئيبا حزينا ربما أختار الموت ليستريح من عناء الدنيا ونكدها وجحود الأهل والاصدقاء 
رحمه الله 

تعليقات