مفهوم القراءة عندي


عزالدين المدني 


قليلا ما كنت ألتفت إلى ورائي لأني لا يجب أن ألتفت إلى ماقطعت من السنين أمضيتها في القراءة والكتابة ’ بل كنت أنظر إلى أمامي لعلي ألاقي الآتي ’ فأخطو خطوات أخرى ...

أعترف بأن لي تكوينا مزدوجا باللغة العربية واللغة الفرنسية أي ثقافتين منهما تكونت إبداعيا وفكريا وفنيا.

وتكويني هذا لم يكن مدرسيا فيما قبل الابتدائي والابتدائي والثانوي والجامعي الى حد ما . ذلك أني لم أرغب في الفوز بشهادة وإنما كنت أزاول تعليمي فحسب وما رغبت يوما في أي شهادة من الشهادات وكنت بالتوازي أقرأ الكتب وأطالعها وأخالطها وأنها أصدقاء وأحباب لي ’ ومازلت أعدها كذلك في يومنا هذا .

والقراءة تكون القارئ إذا واظب وثابر ’ تكونه فكريا ولربما شعوريا أيضا ’ لأن القراءة ترفع الغطاء عن أدق الأشياء وأعمقها لدى الإنسان من لا شعور وأحلام ورؤى وخفايا النوازع ’ لكأن القراءة تنفذ في نفس القارئ وروحه وفكره كالاستبطان وقد تكون أحيانا كمحاسبة الذات .

وإذا كان القارئ كاتبا فانه يسن قلمه على ما يقرأ من نصوص الآخرين ’ فلا ضرورة أن يكونوا معاصرين له ولا من وطنه أو ثقافته أو حضارته .

وقراءته للآخرين ليست مثل القراءات النقدية الجامعية لأنه يعرف أن الكاتب لا يكتب الا وتعترضه إشكالية اللغة من واجبه أن يجد لها حلولا

القراءة تثري القارئ بالمعلومات والآراء والأفكار والصور والأشكال . وهي تعني متابعة الحروف والكلمات والجمل والنطق بها في أغلب الأحيان . ولكن ثمة قراءة صامتة أي متابعة الحروف والكلمات والجمل بالنظر فقط . وفعل القراءة إنما هو ضم الحروف بوصفها علامات إلى بعضها البعض وربطها ببعضها البعض أيضا لكي تكون كلمته . وإذا اكتملت عملية توثيق العلامات ببعضها البعض ’ وفكها وكأنها رموز ’ لتصير كلمة ’ فان هذا الهيكل العلاماتي يولّد معنى تضبطه المعاجم اللغوية .

 

تعليقات