حبل الكذب قصير

عزالدين المدني 

أتذكر أن المدرسة الصادقية الابتدائية هي التي دفعتني إلى إتقان اللغتين العربية والفرنسية مثلما دفعت سائر التلاميذ دفعا قويا مركزا . فكنا نحفظ عن ظهر قلب مقاطع جمة من قصائد الشعراء العباسيين كأبي العتاهية وبشار بن برد وكذلك مقاطع مختارة من أشعار الشعراء المحدثين كحافظ إبراهيم وأحمد شوقي .

أما الشعراء التونسيون فلا حفظ .لقصائدهم ولا خبر عنهم اللهم إلا إذا بعض المقاطع الشعرية لأبي القاسم الشابي ومنها مطلع قصيدته الشهيرة إذا الشعب..ويلقيها زميل لنا في ساحة الراحة بين ساعات الدرس إلقاء الوشوشة لمن يتسقط السمع إليه وكأنها سلعة مهربة ’ ولذلك أسباب

السبب الأول أن شعر أبي القاسم الشابي لم يمنعه الاستعمار الفرنسي بل كان مكروها إلقاؤه ونسخه وترويجه .

 والسبب الثاني أن أبا القاسم الشابي يسب ويشتم وينعت بالملحد الكافر لأنه قال " إذا الشعب  يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " ’ وكان نعته بالملحد الكافر صادرا من بعض مشايخ الجامع الأعظم سامحهم الله وغفرلهم وبعد مضي عشرات السنين سمعت بعض الإخوان المسلمين وهم الإرهابيون الجهال في حقيقتهم ينددون بأبي القاسم الشابي ويلعنونه ويصفونه بالكافر الملحد.

حدث هذا الحدث المريع غداة 2011 فترة ما يسمى بالثورة ’ وما كانت ’ بل كانت رجعة بل كانت أيام مطالبة الشعب المسكين المدمر العاطل المحقور بالعمل أي بالحرية والكرامة ..وما لبثت جماعة الإخوان أن ركبوا على تلك المطالبات الشعبية بالعدل والمساواة ’ وحرصوا أن يسموا كل ذلك "ثورة "  لكن الثورة شيء آخر حسب ما نؤمن ونعتقد وكذلك طبقا لما هو عليه الفكر المتقدم الحديث في العالم.

مهما يكن من أمر اليوم فانه وقع استثمار مطالبات الشعب المدمّر واستغلالها من طرف العصابات الكاذبة التي صارت متنفذة وثرية وصاحبة وجاهة ’ ولا اله إلا الله ...لكن حبل الكذب