قراءة في نص للشاذلي القليبي



بقلم / محمد المي

 

                   ارتبط ظهور هذا النص بظهور أول نسخة من الملحق الثقافي لجريدة العمل في صيغته الجديدة وتحديدا يوم 19 فيفري 1972 عندما كان يشرف عليه الأديب عزالدين المدني وتحول الملحق في صيغته الجديدة من 12 صفحة إلى 24 صفحة كاملة

                    قال عنه عزالدين المدني " يستأنف " العمل الثقافي " الصدور ابتداء من هذا الأسبوع بأقوى عزيمة ’ وبأعمق وعي ’ وبأرسخ إيمان بالرسالة التي ما انفك يضطلع بها منذ سنوات يوم كان صفحة واحدة ’ ثم يوم كان صفحتين ’ وأخيرا يوم كان ملحقا أسبوعيا يقع في اثنتي عشرة صفحة من الحجم الصغير (...) لقد اقتصر عملنا في بداية الطريق على نشر الأدب من خلق مبتكر وترجمة وتعقيب على التراث (...) لكننا تغافلنا إلى حين عن الفنون .ثم وجدت مكانها في الملحق السابق إلى جانب الآداب ..لأننا نؤمن بأن الأدب ليس معزولا عن الفن (...) على أساس هذه النظرة إلى مفهوم " الثقافة " يصدر " العمل الثقافي " في أربع وعشرين صفحة  من هذا الحجم ’ أي بمضاعفة صفحات الملحق الأسبوعي السابق مرتين ..."

                    نفهم من كلام عزالدين المدني بأن مطلبا جديدا أصبح ملحا في الثقافة وهي ارتباط الأدب بمختلف ألوان الثقافة وأن الثقافة تتكامل فروعها وتتظافر لتشكل الشجرة المثمرة الشيء الذي جعل صفحات الملحق تتسع وتكبر لاحتضان مختلف الألوان الثقافية وإتاحة الفرصة للتعبير عنها وعكس الحراك الثقافي الذي أصبح سائدا بعد تأسيس وزارة الشؤون الثقافية يوم 7نوفمبر 1961

                   في هذا الإطار نضع مقال وزير الشؤون الثقافية الذي افتتح به العدد الأول من هذا الملحق وفي ذلك أكثر من دلالة إذ كان ينتظر أن يفتتح الملحق مدير جريدة العمل أو رئيس تحريرها فإذا بنا نقرأ نصا لوزير الشؤون الثقافية ؟

                   الجريدة التي نتكلم عنها هي جريدة الحزب الحاكم (الحزب الاشتراكي الدستوري ) ولم يكن هناك الفصل الواضح بين الحكومة والحزب وهو ما يؤكده نص الشاذلي القليبي الذي ربط الحزب بالحكومة في النص في أكثر من موضع

" وإنما لشعور الحكومة والحزب بأهمية مساهمة الثقافة في هذا الجهد أنشئت وزارة خاصة أسندت إليها مهمة الإشراف على هذا القطاع ’ وكان ذلك في 7 نوفمبر 1961."

ثم أضاف في موضع ألآخر قوله

" وقد حددت لهذا العمل دوائر اهتمام واضحة / فاتجه إلى تدعيم الصلة بالأقربين وخاصة منهم بلاد المغرب الكبير إيمانا من الحكومة والحزب بأن التعاون الثقافي بين بلدان المغرب هو قاعدة انطلاق لثقافة عربية مغربية "

                     فهذا النص هو نص "رسمي " لا يعبر عن نظرة شخصية بل هي نظرة الدولة للثقافة وما يجب أن تكون عليه فإذا وضعنا في الاعتبار أن كاتب النص هو وزير الثقافة الذي انطلقت معه الوزارة سنة 1961 فانه في هذا الموضع بمثابة من يقوم بتقييم الآداء وتلخيص مراحل العمل التي مرت بها الوزارة

هاهنا نتوقف عند بعض مفاصل هذا النص لنفهم

التعريف الذي قدمته الدولة للثقافة؟

الدور المنوط بالثقافة ؟

المراحل التي شقتها الثقافة التي ارتبطت ببناء دولة الاستقلال الناهضة حديثا ؟

 

                     لم تعتبر الثقافة أداة للتسلية والترفيه بل هي أداة من أدوات توعية الجماهير وبذلك تتحدد وظيفة النخبة ونوعية الإنتاج الثقافي المطالبة به اذ هي نخبة في خدمة الجماهير وعليها خلق ثقافة تساهم في جهد الدولة في التوعية

" أدة  لرفع المستوى وفتح البصائر وتوعية الجماهير وبذلك وسيلة لتعميق عملية النهوض والتنمية وإيصال جذورها إلى دخائل الأوضاع وخفايا النفوس "

                     وهي عامل من عوامل النهوض الاقتصادي أي ذات وظيفة استثمارية ترجع بالنفع على الدولة وبالتالي على الأفراد

 " ولقد اتجهت عناية الحكومة إلى الثقافة باعتبارها إحدى الدعائم التي تقوم عليها عملية النهوض الشاملة لكل المقومات الاقتصادية والفكرية والروحية معا وعلى السواء ."

 

                     في هذا النص / الوثيقة يحصر الأستاذ الشاذلي القليبي دور الثقافة في ثلاثة مرتكزات هامة هي

الإحياء

النشر

التبادل

وفي كل عنصر من هذه العناصر وزع قطاعات الثقافة لكي ينهض كل قطاع بركيزة من هذه الركائز ف" الإحياء"  خص به التراث والآثار مذكرا بالدور الذي قام به المعهد القومي للآثار الذي أسسه العلامة حسن حسني عبد الوهاب سنة 1957 الذي لم يكتف بتأسيس المتاحف وانما عمل على تكوين الاطارات وشجع على الحفريات

                    فيما اختص العنصر الثاني وهو النشر بالسينما والمطالعة وتأسيس دور الثقافة والمكتبات حتى تصل الثقافة لكافة أبناء الوطن أينما كانوا قال

" السعي بكل الطرق الناجعة إلى نشر الثقافة في الجماهير الشعبية ’ ذلك أن الاختيار المبدئي في هذا الصدد هو أن تصبح الثقافة في متناول جميع الفئات الاجتماعية  في المدن والقرى والأرياف ."

                     وترك للعنصر الثالث الندوات والمحاضرات والمسرح والفنون التشكيلية والمهرجانات دور إشعاع التونسيين خارج الحدود لتتكامل المرتكزات الثلاثة المكونة للثقافة الوطنية الجديدة التي تعمل الدولة على فرضها .

ما نستخلص من هذا الخطاب/ الوثيقة أن المسألة الثقافية لم تتبلور تبلورا تاما وانما كانت بصدد التشكل وفق الظروف والمعطيات ونلاحظ أن الثقافة كانت مساعدا من مساعدات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وجاءت بمثابة المتمم لنقص ما

السؤال الذي يطرح اليوم / هل اننا نسير وفق هذه الرؤية التنموية ؟ واذا كان ذلك كذلك - ولست أعتفقد - فهل ان ميزانية وزارة الثقافة التي لم تبلغ الى اليوم نسبة الواحد بالمائة من ميزانية الدولة تؤكد أن الثقافة رافدا من روافد التنمية ؟

كيف كان الخطاب الثقافي وكيف أصبح ؟ ذلك هو السؤال

فيما يلي ننشر الخطاب الوثيقة

 

 

                                             في مسالك التنمية الثقافية     

 

بقلم / الشاذلي القليبي

 

الثقافة في نظر الحكومة والحزب ’ غاية في حد ذاتها تعبر عن ذاتية الأمة وتربط حاضرها بماضيها ومستقبلها . ولكنها أيضا في نفس الوقت أدة  لرفع المستوى وفتح البصائر وتوعية الجماهير وبذلك وسيلة لتعميق عملية النهوض والتنمية وإيصال جذورها إلى دخائل الأوضاع وخفايا النفوس .

ولقد اتجهت عناية الحكومة إلى الثقافة باعتبارها إحدى الدعائم التي تقوم عليها عملية النهوض الشاملة لكل المقومات الاقتصادية والفكرية والروحية معا وعلى السواء .

لذلك انصهرت النهضة الثقافية في تيار النهضة القومية الشاملة لجميع قطاعات النشاط ولجميع مقومات الأمة ’ المادية منها والأدبية في جهد موحد متناسق العناصر متساير الخطى .

وإنما لشعور الحكومة والحزب بأهمية مساهمة الثقافة في هذا الجهد أنشئت وزارة خاصة أسندت اليها مهمة الإشراف على هذا القطاع ’ وكان ذلك في 7 نوفمبر 1961.

وارتكزت السياسة الثقافية على جملة من الأعمال ’ مرتبط بعضها ببعض في جدلية متواصلة بين ثلاثة عناصر أساسية هي الإحياء والنشر والتبادل .

أما العنصر الأول فيهدف إلى إحياء معالم الثقافة التونسية التي هي ثقافة عربية إسلامية ولكنها مستندة إلى تراث عتيق يرجع إلى الرومان والقرطاجنيين والبربر . لذلك أولت وزارة الشؤون الثقافية اهتماما خاصا بالتراث الأثري والتراث التقليدي والتراث الفني .

فبالنسبة إلى التراث الأثري انصرفت العناية إلى تكوين الإطارات القادرة على الاضطلاع بمهام البحث والصيانة وتنظيم المتاحف .

ولقد أصبح لتونس معهد قومي للآثار والفنون يعد في طليعة المعاهد المشاكلة له في العالم العربي .

وقام المعهد التونسي بعدد كبير من الحفريات الأثرية المتعلقة بمختلف عصورنا التاريخية من بونيقية ورومانية وبيزنطية وإسلامية . ولقد مكنت هذه الحفريات من التقدم بمعلوماتنا التاريخية ’ كما مكنت الباحثين  التونسيين من التعاون مع ثلة من أكابر العلماء الأجانب .

وفي ميدان الصيانة والمحافظة قام المعهد - مباشرة أو بالتعاون مع مختلف الجهات المسؤولة - بجهود عظيمة لترميم عدد من الجوامع ومن المباني التاريخية . وليست مدينة من مدن الجمهورية إلا وبها شاهد على ذلك . ولعل أهم ماتجدر الإشارة إليه ترميم جامع عقبة بالقيروان .

وفيما يخص المتاحف ’ فقد بذل المعهد جهدا متواصلا لتنمية متحف باردو وتطوير متحف سوسة وقرطاج . كما أنشئت عدة متاحف أخرى في مختلف أنحاء البلاد .

أما فيما يتعلق بالتراث المكتوب . فقد شرع في تجميع المخطوطات التي كانت مبعثرة في شتى المكتبات الجهوية والمحلية وأحدث بالمكتبة القومية جناح خاص بها لتكون في متناول الباحثين .

واتجهت عناية وزارة الشؤون الثقافية إلى إحياء الفنون التقليدية التي لولا هذه الجهود لكان مآلها الاندثار . فأخذت قسم جديد بالمعهد القومي للآثار مهمته إحصاء هذه الفنون والقيام بدراسات علمية للكشف عنها وربطها بالتاريخ والمكان ’ أي بعصور معينة وبجهات من البلاد معينة . ونتيجة الجهود في الوقت الحاضر إلى إحداث متاحف جهوية ريثما يتسنى  تنظيم متحف قومي تعرض فيه نماذج من مختلف الفنون والتقاليد الهامة في البلاد .

وكذلك قامت الإذاعة وإدارة الموسيقى والفنون الشعبية بجهود مماثلة ترمي إلى إحصاء التراث الشعبي الفني والأدبي وجمعه  واستغلال البعض منه .

وقد حاول المشرفون على هذه الميادين أن يقوموا بعملية "إحياء " حقيقية تقضي باجتناب عقدتين اثنتين إما الإبقاء على هذه الفنون على حالتها الفطرية مع ما يخالطها مشاكل أحيانا وإما تطويرها تطويرا عميقا مع ما يعرضها من الخروج بها عن طورها الطبيعي فتفقد حلاوتها وأصالتها العريقة . لذلك كانت المحاولات تهدف دوما إلى التشذيب والتهذيب والصقل في غير ما شطط ولا تشوبه حتى المحاولة للتحريف فالفنون الشعبية بالنسبة إلى سواد الجمهور في القرى والأرياف - وهو يمثل أغلبية الأمة -  وسيلة من وسائل تهذيب الذوق والارتقاء شيئا فشيئا إلى تذوق صيغ وأنماط فنية راقية من الموسيقى ومختلف الفنون .

أما العنصر الثاني الذي ترتكز عليه السياسة الثقافية فهو السعي بكل الطرق الناجعة إلى نشر الثقافة في الجماهير الشعبية ’ ذلك أن الاختيار المبدئي في هذا الصدد هو أن تصبح الثقافة في متناول جميع الفئات الاجتماعية  في المدن والقرى والأرياف .

ولذلك عنيت وزارة الشؤون الثقافية  باتخاذ وسائل  التبليغ الملائمة لمختلف الأوساط وهي الوسائل السمعية والبصرية التي لا غنى عنها في أداء الرسالة الثقافية في عصرنا  الحاضر والتي مكنت من بلوغ هدفين متصلين / توسيع رقعة الإشعاع الثقافي داخل الأمة وفي نفس الوقت تجديد محتويات العمل الثقافي الذي لم يعد مقصورا على المجالات الفكرية بل اتسع إلى كل ما للإنسان  من مدارك وحواس ومواهب . وبذلك أصبح للعمل الثقافي مضمون كامل ’ شامل لكل الطاقات الإنسانية الخلاقة التي تتصل بالإبداع الفكري والخيال الفني .

ووضعت لهذا العمل محاور أساسية تضطلع  بمهمة التنشيط والتنسيق فكانت بمثابة نقط الارتكاز لشتى أنواع النشاط التثقيفي .

وفي مقدمة هذه "المحاور " نخص بالذكر اللجان الثقافية التي تؤلف شبكة تغطي الولايات والمعتمديات وحتى القرى الصغرى والتجمعات المهنية . وحددت وظيفتها بأن تقوم بتنشيط الحركة الثقافية في كل الولايات وتنسيق جهود المنظمات والأفراد وتيسير المبادلات سواء فيما بين الجهات أو فيما بين الجهات أو فيما بين العاصمة وداخل البلاد .

وتقوم اللجان الثقافية المبثوثة في أغلب تراب الجمهورية بجهود نشيطة دائبة ’ بالتعاون الوثيق مع التشكيلات الحزبية وسائر المنظمات القومية . وقد ضبطت أهدافها وطرق عملها بصورة جعلتها مساندة لعمل التوعية الذي تقوم به لجان التنسيق الحزبي .

وقد توقفت اللجان الثقافية إلى تحريك الحياة الثقافية في الولايات وتعبئة الطاقات وصهرها في مجرى شواغل المجتمع والأمة حتى تباعد شبح الانعزالية الذي كثيرا ما ران على الأوساط الفكرية والفنية . فأصبحت اللجان الثقافية بذلك أداة الحزب وفي الحقل الثقافي وجهازا من أجهزته التثقيفية ووجها من وجوه العمل القومي والاجتماعي الذي تقوم به التشكيلات الحزبية والمنظمات القومية عامة .

والى جانب اللجان الثقافية وضعت للعمل الثقافي الجهوي ركائز ثابتة مثل دور الشعب ودور الثقافة والمكتبات التي اتسعت شبكتها حتى أصبحت تزيد على 180 بينما كان عددها نزرا قليلا غداة الاستقلال .

كما وضعت لنفس الغرض أجهزة متنقلة كالحافلات السينمائية والمكتبات السيارة .

وقد كان الدور الرئيسي في هذا الصدد للإذاعة الصوتية ثم للتلفزة بما تيسر من امتداد شبكة الإذاعة والتلفزة الوطنية إلى كافة أنحاء الجمهورية حاملة رسالة الإرشاد والتوعية والتثقيف إلى أقاصي الجهات المحرومة .

ومن أهم ما أنجز أيضا في هذا الصدد إقامة مهرجانات ثقافية بين محلية وجهوية  وقومية ودولية ’ قصد إيصال الثقافة الجديدة  إلى كل الأوساط الثقافية والفئات الاجتماعية . وقد قامت هذه المهرجانات بعمل ناجع في سبيل تحقيق اللامركزية في الميدان الثقافي وإخراج الثقافة من برجها العاجي وجعلها مرتبطة بالجماهير باعتبارها وسيلة من وسال النهوض ورفع المستوى .

إلى جانب هذين العنصرين الأساسيين اللذين ترتكز عليهما السياسة الثقافية في البلاد - وهما إحياء التراث ونشر الثقافة - اتجهت العناية إلى بعث الإشعاع الثقافي التونسي في الخارج وفتح سبل التبادل والحوار بين الثقافة التونسية وسار الثقافات الناهضة في العالم.

وقد حددت لهذا العمل دوائر اهتمام واضحة / فاتجه إلى تدعيم الصلة بالأقربين وخاصة منهم بلاد المغرب الكبير إيمانا من الحكومة والحزب بأن التعاون الثقافي بين بلدان المغرب هو قاعدة انطلاق لثقافة عربية مغربية ثم هو دعامة أساسية لما نصبو إليه من تقارب بين هذه البلدان في سائر الميادين الاقتصادية والسياسية ومن تضامن في إدراك ما يربط بينها لا فقط في الماضي  بل في الحاضر والمصير حتى تؤلف كتلة مترابطة المصالح متآلفة الاتجاهات متناسقة الخطى .

وقد كان التبادل بين تونس ومختلف بلاد المغرب شاملا لأغلب الميادين الثقافية من ندوات ومحاضرات ومسرح وفنون تشكيلية ومهرجانات فنية .

كما عني بالتبادل الثقافي مع أغلب البلاد إيمانا بما يربط بيننا من أواصر اللغة والاشتراك في التراث ووجوب التعاون في خصوص كبريات المشاكل التي تهم مصير الثقافة العربية .

ولقد حرصنا في نفس الوقت أشد الحرص على التفتح على العالم المتقدم وربطنا بشتى البلدان الأوروبية وغيرها علاقات تعاون وتبادل وثيقة كانت فرصة للتلاقح والاطلاع على تيارات الفكر والفن في العالم وكانت فرصة أيضا للتعريف بجهود تونس الفنية وبتراثها العريق .

وما حرصنا عليه من تفتح على العالم ومن تبادل بيننا وبين مختلف الأمم ’ وخاصة منها المتقدمة التي سبقتها أشواطا في سبل الرقي العلمي والتكنولوجي ’ إنما كان يهدف أيضا مع تدعيم المفهوم الإنساني الشامل للثقافة ’ إلى ربط الصلة بين ثقافتنا والثقافات الناهضة في العالم . أنا آمنا منذ البدء بأن علينا واجبين / دعم مقومات الثقافة التونسية الأصيلة  في أبرز مظاهرها وأعمق أصولها ’ وفي نفس الوقت تنميتها حتى تقوى على مجابهة مقتضيات العصر التي تفرض الإلمام الشامل بكل مبتكرات الفكر الإنساني عامة .

ذلك أن الثقافة في عصرنا هذا لم تعد مقصورة على الأبواب التقليدية التي كثيرا ما تصطبغ بطابع الانطوائية . بل أصبحت تعتمد أساسا ما ينصرف إليه الفكر الإنساني من بحث وإبداع وكشف عن المغلقات ...وإنما بذلك استطاعت الأمم المتقدمة أن تسيطر على الكون وتسخر ما فيه لصالح الإنسان بواسطة العلم والاجتهاد وإحكام التنظيم.

ونحن إذ نجهد للنهوض بثقافتنا القومية ’ نود أن ننهل من هذين المعنيين / الوفاء لقيمنا الأصيلة والأخلاقية  منها والروحية والاجتماعية على السواء ’ والتطور الضروري لتقوى على الشمول والنجاعة الكاملة في تكييف حياة البشر .

وهذا وذاك  إنما يرجعان في الحقيقة إلى عنصر واحد وهو التنمية في مفهومها البورقيبي الصحيح ’ الذي يفرض الانطلاق من أسس ثابتة نحو آفاق لا حد لها من البحث والكشف والاختراع ’ سنة الفكر الإنساني  في تجاوز المكاسب دوما نحو مكاسب جديدة ’  وهي ’ أولا وأخرا ’ سنة الله في خلقه ’ ولن تجد لسنة الله تبديلا.


تعليقات