راضي التريمش يستغيث ‏: ‏انقذوا ‏ارشيف ‏السينما


يا لقومي ضيّعوني

الراضي التريمش

ذلك لسان حال الأرشيف السينمائي الوطني فقد ضاع ووُزّع دمه بين القبائل ،بين كوينتا كومينيكايشن والادارة العامة للفنون السمعية البصرية والمركز الوطني للسينما و الصورة ودار الكتب الوطنية  في حين أن المرسوم الذي بموجبه تمّ بعث المركز الوطني للسينما و الصورة ينصّ بوضوح على أن من مهام المركز رعاية الأرشيف السينمائي الوطني وتثمينه وتنميته. وطالما بقيت سلطة تسيير القطاع السينمائي موزعة بين هيكلين من هياكل وزارة الثقافة فلن يتحقّق شيء ملموس في المجال فقد مضى على بعث المركز تسع سنوات لم يتمكّن خلالها من فرض نفسه كمخاطَب وحيد للمهنيين الذين اصبحوا تائهين بين أروقة الهيكلين وهي مسألة ترهقهم وتنغّص عليهم حياتهم خصوصا عندما يكون، كما هو الحال منذ خمس سنوات، على رأس ادارة الفنون السمعية البصرية احد خرّيجي او إحدى خرّيجات معهد التنشيط الثقافي فاقدي أيّ خلفية سينمائية ومعرفة بتفاصيل المهنة وخصوصياتها.
وقد تفرّست مليّا في وجوه من حضروا الاجتماع الذي أشرفت عليه وزيرة الثقافة وخصّص للأرشيف السينمائي الوطني فلم ألاحظ وجود مختصّ واحد في المجال والحال أن مسألة ترميم ورقمنة الأرشيف مسألة فنيّة تحتاج إلماما ضافيا بما توصّلت التكنولوجيا في المجال. وما يثير الاستغراب هو إشراك دار الكتب الوطنية في الملف وهي التي ليس لها في السوق ما تذوق. وإنها لبدعة ان يتمّ اشراكها  في موضوع ليست مؤهلة للخوض فيه او للمشاركة في تنفيذه.
رقمنة الأرشيف السينمائي الوطني تتطلب تحويل المخزون المودع في خزينة الافلام بڨمرت على محامل رقمية عالية الجودة بعد ترميم المصنفات التي تحتاج إلى ترميم. والمخزون الموجود الذي شاهدت جزءً كبيرا منه عندما كنت مسؤولا عن الانتاج في الساتباك، جزء منه استعادته تونس على دفعتين سنة 1971 وسنة 1985. ويحوي مصنفات عن الحياة السياسة و الاجتماعية والفنية في تونس منذ بداية القرن العشرين. في حين تغطّي الجريدة السينمائية سنوات 1955 - 1966. والجزء الثالث هو مجموع الافلام التونسية الطويلة والقصيرة التي صوّرت على المحامل السينمائية التقليدية بما فيها انتاج الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة. لكننا فوجئنا بأن الاجتماع تمخّض عن قرار يدعو للعجب وهو رقمنة سجلّات خزينة قمّرت(؟!). ان ذلك يسمّي ضحكا على الذقون وتمييعا للقضايا المصيرية واستهتار بذاكرتنا الوطنية التي يتهدّدها الاندثار اذا ما ظلّ الملفّ يراوح مكانه بسبب عدم ادراك المسؤولين للرّهانات الحقيقية. ألا قد بلٰغت، اللْهمّ فاشهد.

تعليقات