علاقتي باللغة الفرنسية


عزالدين المدني 


 تلك هي صورة تونس المشهدية ’ تونس القديمة العريقة بناسها ومقاهيها وشواطئها وبحرها وعطرها الفواح . فلقد اختطفت بهذه اللقطة التصويرية وصنتها في حافظتي منذ أكثر من ستين سنة لا من أجل الحنين الى الماضي وتجميله ومدحه بل في سبيل ملاحظة التغيرات الحضارية التي طرأت على تونس في الفترة بعد الفترة . ولقد كانت مشاكلها جمة ومآسيها عديدة وأفراحها عديدة أيضا . والانسان التونسي يغير مع تغييرات البلاد ويغيرها بلا هوادة رغم أنه مدمر كثيرا ما يحزن ويبكي وقليلا بل نادرا ما يفرح ويسعد ...

أعود الى دراساتي للغة الفرنسية في معهد كارنو الثانوي حيث لم تطل مزاولتي سوى سنوات قليلة . وكان نظام التعليم صاقيا متوازنا  بين عدد ساعات اللغة العربية وبين عدد ساعات اللغة الفرنسية فيما يتعلق بالنحو الفرنسي وتصريف الأفعال اضافة الى عدد ساعات تدريس التاريخ والجغرافيا والرياضيات والعلوم. أما فيما يتعلق باللغة العربية فقد كان البرنامج التعليمي يقضي بتخصيص ساعات للغة والنحو والصرف والبلاغة والأدب القديم اضافة الى التاريخ الاسلامي الوسيط والجغرافيا العربية والتربية المدنية والدينية وبين تدريس اللغتين تخصص ساعة أسبوعية للترجمة الى جانب تعلم اللغة الانقليزية ساعتين كل أسبوع.

كان مستوى التعليم في المعهد عاليا ومركزا بفضل تشكيلة من الأساتذة مختارة وممتازة سواء كانوا تونسيين أو فرنسيين.

اني أتذكر هذا الاستاذ الفرنسي (ت...) الذي كان يدرب التلاميذ على تصريف أعقد الأزمان والأفعال من المجموعات الثالثة التي يغلب عليها الشذوذ والحالات الخاصة . أما الأزمان فقد تشمل الحاضر والماضي بأنواعه الشتى والمستقبل. كنت ماهرا في التنصريف والنحو وتركيب الجمل وتحرير الانشاء ولا يخطئ قلمي وكنت لا أحرر الانشاء . بل كنت أكتب قصة قصيرة جدا طالما تطاوعني اللغة الفرنسية في التعبير   بها مثلما كنت أكتب قصة قصيرة ولا أحرر انشاء باللغة العربية في ساعات تدريس العربية .

                      

        

تعليقات