كتاب الهاوية
بقلم / محمد المي
سبق للدكتور علي الشبعان أن اشتغل على الحجاج حيث كان
موضوعه للدكتوراه غير أن ذلك لم يشف نفسه ولم تكن الدكتوراه
تتويجا لجهد أنفق فيه جزءا من عمره بل كان فاتحة للبحث والنظر وتعميق الرؤية وما
هذه الترسانة الجديدة من الكتب التي ستعقبها أخرى الا الدليل الذي لا يدع مجالا
للشك بأن مسألة الحجاج قد اتخذ منها الدكتور الشبعان حقلا للبحث وتقليب المسألة
على أوجه مختلفة لا يكاد ينتهي من مسألة الا وتبدو له الأخرى الأجدر بالنظر
والاشتغال.
وبهذا يمكن أن نصنف الدكتور علي الشبعان ضمن الباحثين
الجادين والقول بأنه من بقايا مدرسة قديمة بدأت في الانقراض للأسف وللأسف أيضا أن
هذه الطاقة لم تستفد منها جامعتنا التونسية -رغم أن علي الشبعان ابن المدرسة
الوطنية التونسية - بل هو في الربع الخالي وافضيحة الجامعة التونسية .
كتاب الهاوية فاتحة الأرغانون الجديد عنوانه الكامل /
الحجاج /الحقيقة في متون تفسير القرآن وتأويله (الطبري ’ الزمخشري ’ ابن عربي )
(مقاربة بلاغية جديدة )
عنوان طويل يشي منذ البداية بأن الكتاب ليس تجاريا
ولم يؤلفه صاحبه الا لهم يجول بدواخله ومشكلة تعتمل في ذهنه
قرر منذ الدكتور الشبعان أن يشتغل على نصوص المفسرين
للقرآن الكريم على اختلاف مقارباتهم وخلفيات اقبالهم على تفسير القرآن الكريم
وتأويله اذ تختلف دوافع المؤرخ (الطبري) عن دوافع اللغوي (الزمخشري ) عن دوافع
المتصوف (ابن عربي) فكل ينظر الى القرآن / النص الجامع بطريقة مختلفة ومن ثقافة
مختلفة ومن هاجس فكري/حضاري مختلف وهنا تكمن قدرة المؤلف /علي الشبعان على التجرد
واتخاذ مسافة نقدية وقراءة متون التفسير والبحث في خبايا خطابها والتوقف عند مكر
اللغة وخداعها وعدم الوقوع في أسرها وخلبها وهو ما نفهمه من الاشارة التي أعلنها
في البداية عندما قال /
" ..وقد أظهر لنا البحث في المتن التفسيري /
التأويلي العربي المؤسلم من زمان (الطبري) (جامع البيان) الى عهد (ابن عربي) أنه
متن مشقوق في داخله بما اصطلح على تسميته التأويليون الجدد ب(العنف التأويلي) الذي
يجبر المتن المؤول (بفتح الواوالمضعفة) على قول ما أضمره المؤول (بكسر الواو
المضعفة) من المعاني والدلالات التي يحملها اللفظ القرآني رموزا مشفرة أو أيقونات
مكثفة يدعي كل مفسر/مؤول امتلاك حقائقها واحتكار أسرارها لذلك كثر النزاع بين
الأنساق التأويلية حتى تلاشى المتن وبقي الرشح فتاهت الحقيقة القرآنية "
لنا عودة
تعليقات
إرسال تعليق