أي ‏جدوى ‏لتعليم ‏دون ‏فنون ‏؟

بقلم : محمد المي
تتجه نية القائمين على حظوظ التعليم والتربية في تونس الى الاستغناء عن حصص التربية التشكيلية والموسيقية والمسرحية والرياضة ؟ 
يعتقد هؤلاء ان هذه الحصص يمكن الاستغناء عنها لأنها غير ضرورية قياسا بالرياضيات والعلوم الطبيعية والفيزيائية والكيميائية ....وهذا خطأ بل خطر .
لنتفق منذ البداية ان التعليم يهدف الى بناء الانسان وتكوين انسان الغد الذي سيقود البلاد والعباد وسيتولى القيادة والتسيير .
ولنتفق أننا لا نسعى الى خلق انسان الي ( روبو) بل الى خلق انسان متوازن يفكر فيحسن التفكير لأن التفكير وحده قد يؤدي به الى انهاء الانسان ومالحروب الا نتيجة استبداد الفكر بالانسان .
حسن التفكير ينقذ الانسان من الاسراف في التفكير المادي حيث يوجه الانسان الى التفكير في توازن الانسان اي التفكير في إنسانية الإنسان الذي يعني ضرورة ما به يكون الانسان انسانا .
الآداب والفنون هي الكفيلة بتخقيق هذا الجانب فالمهندس الذي يصمم ويرسم إن لم يتوفر على ثقافة تشكيلية تجعله غير قادر على التبصر الحقيقي بنوعية البناء وبجمالية التشييد .
وهل يمكن ان تكون الحياة دون موسيقى ؟ فكل ما نسمع من أصوات هي الموسيقى وهل الموسيقى أداة ترفيه وتسلية في اوقات الفراغ ؟ كلا ومن اقتصر فهمه على هذا فليدرك ان جانبا من انسانيته قد انعدم فيه وهو لايشعر .
ومتى كان المسرح زائدا عن الحياة ؟ الم نر ان الأمم العظيمة التي احتلت العالم بادرت الى تأسيس المسارح ؟ للنظر الى مسرح قرطاج والجم ودقة ...وغيرها مما شيدته روما على انقاض قرطاج لنفهم ان الأمم تقدمت لأنها فهمت وظيفة المسرح ودوره .
لقد عمل بن علي غداة سعيه للقضاء على الاسلاميين في تونس اضعاف شعبة الآداب واتجه الاولياء الى تحريض ابنائهم على الاقبال على شعب العلوم ونجحت الخطة وها أننا نجني ثمار تلك الخطة التي انجبت الالاف من حاملي الشهادات العلمية من غير القادرين على كتابة مطلب أو تحرير رسالة ونحن نتعامل مع حاملي شهادات عليا هم اجهل من الجهل 
احذروا الاستخفاف بالاداب وافهموا ان اخطر ما يقدم للاجيال هو حرمانها من صقل الذوق وتربية الشخصية وبناء الذات بناء متوازنا يقوم اولا وقبل كل شيء على حسن التعلم لا عن التعلم فقط.لاننا تسعى الى خلق انسان لا دابة تسعى في الأرض 

تعليقات