ماذا يحدث في لجنة المساعدة على الانتاج السينمائي؟ -6-

ماذا يحدث في لجنة المساعدة على الانتاج السينمائي؟ -6-
واضح أنّ منظومة الدّعم بصيغتها الحاليّة قد استنفذت أغراضها وأصبحت عبئا على الإدارة والمهنين على حدّ سواء. فالمنتج أو المخرج يظلّ يتصيّد فرصة مرّة في السنة وقد تأتي وقد لا تأتي واحتمالات أنها لا تأتي أوفر بكثير من احتمالات أن تأتي نظرا لارتفاع عدد شركات الإنتاج وعدد المخرجين ونظرا لتواضع الاعتماد المخصّص للإنتاج.
وتجد الإدارة نفسها أمام عدد مهول من المشاريع تعجز أيّ لجنة عن قراءتها قراءة مترويّة لأنّ أغلبها لا صلة له بقواعد وشروط كتابة السيناريو. كما تجد اللجنة نفسها مقيّدة بحتميّة إجازة عدد محدّد من المشاريع يتناسب مع حجم الاعتماد المرصود.
لكنّ التطوّرات التي عرفها مجال التقنيات السينمائية يحتّم إعادة النظر في المنظومة الحالية فتُعطَى الأولوية للمنتجين الذين يبادرون بالإنتاج بامكانياتهم الخاصّة بحيث تصبح صيغة المساعدة على الإنهاء أو صيغة شراء الحقوق هي المعتمدة. فاللجنة التي تشاهد عملا جاهزا أو على وشك ان يكون جاهزا يمكن أن تبدي رأيا مبنيّا على تقييم عمل ملموس وليس بناء على نوايا معلنة في نصّ قد يفقد كثيرا من عناصر جودته عند التنفيذ لسبب أو لآخر. ثمّ إن وسائل الإنتاج أصبحت متاحة وغير مكلفة وأصبح من الممكن الضغط على التكاليف واختصار آجال التنفيذ. وقد لاحظنا أنه بالإمكان انتاج فيلم قصير ب30 ألف دينار من خلال الأفلام الستة التي انتجت بمناسبة الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية ونفس التجربة حدثت في دورة 2016 بمناسبة خمسينية السّينما التونسية إذ تمّ إنتاج ثمانية أفلام حصل كلّ واحد منها على منحة ب30 ألف دينار.
كما برهن عدد من المنتجين على امكانية إنجاز أفلام قيّمة  بإمكانيات متواضعة مثل فيلم " دشرة   " لعبد الحميد بوشناق أو "آخر واحد فينا" لعلاء الدين سليم وقد تجاوب المركز الوطني للسينما والصورة مع المبادرتين واشترى الفيلمين بمبلغ يمثّل ما بين 20 و 35٪ من قيمة المنحة التي يحصل عليها المنتجون بصيغة المساعدة علي الإنتاج.كما أبرز فيلم" الهربة" لغازي الزغباني الذي يعرض الآن أن هذا التوجّه ممكن. 
إنّ إصلاح المنظومة يحتّم في تقديري الاستغناء عن صيغتي المساعدة على الانتاج و المساعدة على الكتابة كما يحتّم تفعيل صيغة المساعدة على الإنهاء وآلية شراء الحقوق غير التجاريّة للأفلام المنتجة بمجهود ذاتي على ان يحصل الفيلم القصير على ما بين 40 إو 50 الف دينار وعلى 150 الف دينار للفيلم الطويل وبذلك يمكن إنجاز اكثر من عشرين فيلم قصير إلى جانب عشرين فيلم طويل. وبذلك نُعفي اللجنة وأعضاءها من عذاب قراءة عدد مهول من السيناريوهات التي لا يساوي أغلبها ثمن الحبر والورق الذي انفق في كتابتها وطباعتها. وتصبح اللجنة في حالة انعقاد دائم وتنظر في المشاريع التي يرغب اصحابها في الحصول على مساعدة على الإنهاء في حين تنظر لجنة شراء الحقوق غير التجارية في الأفلام التي اكتمل انتاجها وهي لجنة يسيّرها المركز الوطني للسينما والصورة الذي يصبح له دور مركزي في النهوض بالإنتاج ويتجاوز المربّع الذي وجد نفسه سجينا فيه بسبب مرسوم إنشائه المليء بالتناقضات. أعلم أن هذا الطرح لن يلقى ترحيبا من الزملاء أصحاب المهنة لأنه يهزّ ويزعزع تقاليد ترسّخت في نمط انتاجنا بحيث يتساوى المنتج الشجاع والمقدام الذي يغامر ويجتهد بالمنتج الذي يتصيّد الفرص متّكِئا على قدرته في المناورة وحشد التأييد من اللجان كما سيساعد هذا الطّرح على فرز المخرج المهوب وصاحب الرّؤية من المخرج الذي يستمدّ شرعيته من انتمائه لجمعيّة بعينها أو من تقرّبه من أصحاب القرار.
إن أيّ إصلاح للقطاع ينبغي أن يأخذ في الاعتبار هذه المعطيات حتى نتخلّص من إرث ثقيل كبّل انطلاقة السينما التونسية رغم القدرات الكامنة في حماس قدرة مبدعيه من مختلف الأجيال.
وللحديث بقيّة...
راضي تريمش

تعليقات