من ‏أمير ‏الشعراء ‏الى ‏عميد ‏النقاد

بقلم : محمد المي

في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن العشرين تحركت همم بعض التونسبين للاحتفاء بالكتاب والادباء فكانت أول حفلة لتكريم الشاعر الوطني والمناضل الدستوري محمد الشاذلي خزنة دار حيث بويع بامارة الشعر سيرا على نهج اخواننا في مصر ( أرض الكنانة ) التي نصبت احمد شوقي أميرا على الشعر العربي .
وعندما تم تكريم الطاهر الحداد بمناسبة صدور كتابه" امرأتنا في الشريعة والمجتمع" كتب الشابي منوها بهذه الخطوة معتبرا اياها حدثا حيث قال مخاطبا صديقه في إحدى رسائله : " أبشر يا أخي إن تكريم التونسي للتونسي قد بدأ " .
تتالت حفلات التكريم في تونس حيث وقع تكريم امحمد المرزوقي بمناسبة صدور أول كتاب له واعيد تكريمه في مناسبة ثانية وكرم منور صمادح بمناسبة صدور أول مجموعة شعرية له . ..وكان يفترض أن يتكرس هذا التقليد داخل الأسرة الأدبية خصوصا والثقافية عموما اذ يستوجب تكريم الفاعلين في المشهد الثقافي والاعتراف بجهودهم وتشجيعهم وقول كلمات الثناء لهم . 
لا غرابة أن يقوم محمد صالح بن عمر بتكريم رفيق مسيرته النقدية أحمد حاذق العرف وقد كانا كفرسي الرهان في نهاية ستينات القرن العشرين عندما كانت مقالاتهما النقدية تملأ صفحات المجلات والجرائد .
ومالضرر الذي لحق بالساحة عندما تم تكريم أحمد حاذق العرف ؟ هو مجرد اعتراف بجهود وهي مجرد لمسة وفاء تدل على الحب وتكرس ثقافة الاعتراف التي نفتقدها. حتما لم يرتفع الرصيد البنكي لاحمد حاذق العرف ولم يصبح اليوم من اثرياء البلاد ولا صاحب اموال طائلة ولكنه بات ليلة البارحة سعيدا هانئا قرير العين شاكرا فضل صديقه القديم لمسة الوفاء والاعتراف.
وماالادب ؟ وما الثقافة ؟ إن لم يكن هكذا هي اخلاق المنتسبين اليهما . 
يقول صديقي القصاص الكبير صالح الدمس : " لا ينقصنا إلا الحب".


تعليقات