بين الحدّاد وقاسم أمين


 



بين الحدّاد وقاسم أمين

 

بقلم : جميلة الماجري

 

إذا كان المثل يقول : لا يمكن المرور بجانب الأشياء الجميلة دون أن تستوقفنا فانه لا يجوز أيضا المرور بجانب الأمور الهامة والجليلة دون التوقف عندها وتأملها وإعطائها حقها من الاهتمام والاستفادة منها.

وسأكتفي بالقول انه من الغريب حتى لا أقول انه من المخجل أن مسألة مثل المقاربة بين علمين هامين هما الطاهر الحداد وقاسم أمين  لم يتناولها الدارسون والباحثون إلا بعد مرور حوالي قرن من الزمن .رغم دواعي هذه المقاربة الكثيرة نظرا لاشتراك الكاتبين المصلحين في نفس المبحث ونفس القضية في نفس العصر تقريبا وهي قضية تحرير المرأة .

لذلك كان لا بد أن يستوقفنا كتاب "مسألة المرأة بين قاسم أمين والطاهر الحداد " للباحث محمد المي .

هذا الباحث الذي ما فتئ يفاجئنا بالحفر في الذاكرة الوطنية واستخراج كنوزها والوفاء لرموزها من مفكرين وأدباء ونفض الغبار عمن بدأ النسيان  الجماعي يدرجهم في مطاويه وانه ولئن كانت الأجيال التي عاصرت الحداد وقاسم أمين والتي جاءت بعدهما اهتمت بهذين المصلحين المفكرين كلا على حدة .فان التفكير في مقاربة أو دراسة مقارنة بينهما قد تأخرت كثيرا .

كما أن ما تم من دراسات وبحوث حول الطاهر الحداد ومنجزه الفكري والإصلاحي مازال دون المطلوب كثيرا إلى جانب كون شهرة الحداد بقيت محلية ولم تتجاوز تونس بينما هو جدير بأن يتجاوز إشعاعه الآفاق وربما يكون ذلك بسبب مقولة "المركز والأطراف " وأحكام اللعبة الإعلامية لذلك كانت شهرة قاسم أمين أكبر من شهرة الحداد رغم أن ذلك لا يعني تفوقا في القيمة أبدا .

وقد جاء في مقدمة كتاب محمد المي المشار إليه في هذا المعنى قوله : ورغم تميز الحداد عن سابقيه فان النظر إلى منجزه وحجم التضحيات التي قدمها بقي دون المستوى الذي نأمل إذ كثيرا ما يتعمد البعض  نعته بقاسم أمين تونس رغم أهمية ما طرحه الحداد مقارنة بقاسم أمين بالذات ".

لذلك يجوز القول إن هذا الكتاب " مسألة المرأة بين قاسم أمين والطاهر الحداد " سبق تاريخي في غاية الأهمية وريادة تحسب لمحمد المي في مسألة ظلت على أهميتها تقابل بالتجاهل والسكوت عنها ولكن الأمور الهامة مهما تأخرت فلا بد أن يأتي من يسلط الضوء ويخرجها من زاوية الصمت لينصفها خاصة وان مسألة المرأة ولئن حسمت في بلادنا فإنها مازالت مطروحة بقوة تراوح مكانها في عديد الأقطار في العالم وفي العقول والضمائر .

تعليقات