عبد الله مالك القاسمي يكتب عن محمد المي 1

 


صورة المرأة في الأمثال العامية التونسية

 

بقلم : عبد الله مالك القاسمي

إن اهتمام الباحث الشاب محمد المي بوضعية المرأة في مختلف جوانبها البسيكولوجية والاجتماعية والدينية وعلاقتها بالرجل أولا وبالمجتمع ثانيا قاده إلى الاهتمام بفكر الحداد الإصلاحي من خلال تحقيقه وتقديمه لكتاب الحداد " امرأتنا في الشريعة والمجتمع " أو من خلال اهتمامه بالفكر الإصلاحي عموما سواء في الثلث الأول من القرن العشرين أو غيره من الأزمنة والأمكنة فهاهي "مسألة المرأة بين قاسم أمين والطاهر الحداد " تتجلى في كتاب منفصل خصصه باحثنا للمقارنة بين هذين المصلحين لدرس وضعية المرأة في كل من تونس ومصر.

ومن اهتمامه أيضا في صلب الموضوع  - تأسيسه لمكتبة الطاهر الحداد بالكريديف  لتتوطد علاقته بالمرأة بحثا وتوثيقا وتحقيقا وليس أدل على ذلك من إصراره واستماتته في الدفاع عن المرأة والذود عن مظهرها وصورتها حتى في "الأمثال العامية التونسية " من خلال إصداره لكتاب جديد يحمل عنوان "صورة المرأة في الأمثال العامية التونسية ".

يقول محمد المي : " ما الذي يجعل المرأة في ذهن البعض لم تتخط منزلة دونية ؟ ذلك هو السؤال الذي دفعني إلى البحث إذ تبين لي إن قوانين الخفاء أشد مضاء وأقوى فاعلية وأكثر خطورة من القوانين والتشريعات التي تسهر أجهزة الدولة على تطبيقها ".

وبعد أن حلل المي في مقدمة أولى دواعي تأليف الكتاب ولعل أبرزها الصورة السلبية للمرأة في الأمثال الشعبية (أو العامية ) التونسية وبعد تعريفه بالأمثال  ومساءلتها في مقدمات متتالية ليذكرنا في النهاية بأن " كل من يريد امتهان المرأة والحط من قيمتها أنه يستهدف ذاته أولا ومجتمعه ثانيا " .

وقد حلل المي في باب مساءلة الأمثال بعض العقول التي انتخبها انطلاقا من البيئة والعادات التي في أغلبها تنظر إلى المرأة نظرة دونية وسلبية إن لم تكن شيطانية إلى درجة تصبح فيها "طاعة النساء تدخل النار " أما الباب الأخير من هذا الكتاب فقد خصصه الباحث لمسرد الأمثال العامية التونسية المتعلقة بالمرأة في وضعياتها المختلفة : المرأة الفاجرة ’ المرأة أم الزوج ’ المرأة الخادمة ’ الضرة ’ المرأة الزوجة ’ المرأة المسترجلة ’ والعانس والعجوز وابنة العم ..

وعن هذه الأخيرة مثلا يورد الباحث محمد المي الأمثال العامية التالية المتعلقة بابنة العم :

" اللي ياخذ بنت الناس بنت عمه تشوفه"

و" بنت العم اضرب ورد للتركينة "

و" بنت عمك تصبر على همك "

و"بلادك ولو جارت وبنت عمك ولو بارت "

و " ولد عمها يفكها من فوق كرسيها " ..الخ

وللحقيقة لقد استطاع المي رغم صعوبة ووعورة مسلك الأمثال أن ينفرد بقاموسه الخاص في هذا المجال وأن ينفض الغبار عن جزء هام من المسكوت عنه طوال تاريخ البشرية وهو المرأة في ذاكرتنا الجماعية ولعل                    هذا الكتاب يرفع كثيرا من شأن المرأة ويعيد إليها اعتبارها وذلك    بمحو وإلغاء تلك الصورة السلبية والدونية للمرأة من أذهاننا جميعا . وقد يكون عيب هذا الكتاب الوحيد هو تكرار بعض الأمثال في مواقع أخرى متعددة إذ لا ندري إن كان ذلك للتوضيح والتأكيد أم هو مجرد سهو لا غير .

تعليقات