جميلة الماجري تكتب عن محمد المي 3

 


بين سطرين

بقلم : جميلة الماجري *

 

انه لمن نافلة القول التذكير بأن عنوان المقال أو الكتاب خاصة هو نصف نجاحه أو عدمه .

كما أن قراءة ما بين السطور تمثل نصف لذة القراءة بالنسبة للذين وهبهم الله القدرة على الاحساس بهذه اللذة غير المتأتية لجميع الناس طبعا . والقراءة بين السطور هي هاجس القارئ الذي وهي المدغدغة لغريزة حب الاطلاع فينا .

والعنوان الذكي للكاتب الذكي هو الذي يثير فيك كل هذه المشاعر والنزعات ويجذبك اليه بخيط سري ويحثك على القراءة بلهفة عشاق القراءة .

والعنوان الناجح هو الذي تتمنى وأنت تقرؤه لو كنت أنت صاحبه . وهو الذي يعلق بذاكرتك فلا تنساه أبدا .

لذلك فأنا عندما شرعت في الكتابة عن هذا الكتاب الموسوم ب "بين سطرين " لم أستطع أن أقاوم شهوة أن أستعير هذا العنوان.

وعفوا ان بالغت في الحديث عن نفسي وأنا أتكلم عن كتاب غيري فان أنجح الكتابات ما يقربنا من أنفسنا ويعيدنا اليها . وأنا في تعاملي مع القراءة مثل الأطفال يأخذني فرح عارم عندما أظفر بنص جميل صادق يغرقني في لذة قراءتين ’ قراءة السطور وما بينها.

كذلك هو كتاب "بين سطرين " للكاتب والناقد الأستاذ محمد المي .

ومحمد المي الذي عرفناه من خلال الكتب التي أصدرها مسكونا حتى أقاصي الصدق بهم وطني جليل هو التوثيق لرجالات تونس وأعلامها متحمسا حماسا نادرا عند الشباب لبعثهم واحيائهم وفيا للذاكرة الوطنية وفاء يكاد يكون بلا نظير خاصة عند الشباب معتزا بهؤلاء الاعلام باحثا عن كل الشوارد الخاصة بحياتهم خوفا عليها من التلاشي راعيا نبيها لهذه الذاكرة الوطنية غيورا   عليها ’ فهو من جمع مكتبة الطاهر الحداد المتلاشية وكتب عنه كتابين تأليفا وتحقيقا وكتب عن الطيب الميلادي ومحمد صالح المهيدي من خلال اصدار كتب توثق لحياتهم وتجمع شتات ما تبعثر من كتاباتهم وأحاديثهم وما كتب حولهم وأخبارهم.

ومحمد المي الموثق الحريص البارع والمسكون بالهم الثقافي الوطني فهو في كتابه الأخير هذا "بين سطرين " لم يفارقه هاجس التوثيق ’ لا التوثيق للماضي فقط بل للراهن الثقافي التونسي ولكل لحظاته وتفاصيله التونسية.

تعليقات