جميلة الماجري تكتب عن محمد المي 5

 بين سطرين 3

بقلم : جميلة الماجري


                                                                   

من بين أهم ما يلفت انتباه القارئ ويشدّه الى قراءة كتاب "بين سطرين " لمحمد المي صفتان مميزتان  تكشفان عن شخصية الكاتب هما الوفاء والجرأة إلى جانب - طبعا - قلم متميز بأسلوب ساحر يجعلك تنساب مع المقال فلا تملك إلا أن تقرأه في مرة واحدة فلا تتركه إلا وقد أتممته بل تزيدك شهية لقراءة مابعده وما بعده فإذا أنت تقرأ الكتاب وقد وجدت فيه الكثير من ذاتك ومن آرائك مما تمنيت ان تكون قلته أنت أو عبرت عنه ’ تجد فيه جزءا منك ’ من مشاغل مجتمعك وبلادك وعصرك وقضاياك ’ إلى جانب ما تهبك هذه المقالات من متعة ناتجة عن مقدرة محمد المي الخاصة على لمسة السخرية اللذيذة في تناول بعض القضايا في الساحة الثقافية وغيرها وتناول بعض الظواهر الاجتماعية مثل مقال : الأدعياء أو الثقافة وكرة القدم أو المدح والهجاء ...

وأعود إلى ما ذكرت من صفتين مميزتين في كتابات محمد المي وشخصيته هما الجرأة والوفاء . هذا الوفاء الذي لمسته منذ بدايات محمد المي فيما نشره من كتابات واعتبره واحدا من الرواد في هذا المجال ’ مجال ما يجوز أن نسميه الكتابة لإحياء الذاكرة الوطنية ونفض الغبار عنها والتخصص في الدفاع عنها بحماسة وصدق نادرين في أبناء جيله ’ فتابعت بسعادة ما كان يكتبه تباعا ودون هوادة عن الطاهر الحداد ومحمد الصالح المهيدي ومحمد العريبي والدكتور بن ميلاد والدكتور الطاهر الخميري وبقدر ما تعجبت من حماسة شاب لأعلام ليسوا من جيله كادت الذاكرة الوطنية غير الرسمية تنساهم تماما ’ بقدرما سعدت وثمنت فيه هذه الأخلاق فنحن في حاجة إلى التخلص مما عرفت به ساحتنا الثقافية من البرود والتنافر والتجاهل إزاء بعضنا البعض مقابل ما يتصف به غيرنا من بلدان أخرى من الإعلاء من شأن بعضهم البعض وتكريس رموزهم وأعلامهم ’ وهذا دور يذكر فيشكر لمحمد المي .

أما الجرأة فهي سمة لا تخفى فيما يتناول محمد المي من قضايا وما يقتحم من مواضيع ويترجم عنه من شواغل الساحة الثقافية فلا يلوك عباراته ولا يجامل ولا يتهيب من الاجهار بما يتمنى البعض أن يكتب عنه فلا يجرؤ ’ ومن تعرية بعض الظواهر الخفية والأمراض السوسيو ثقافية ولا يتردد في الاصداع برأيه في هذا أو ذاك بتلك الجرأة دون الوقوع فيما يقع فيه البعض من الخلط بين الجرأة وسوء الأدب بل هي الصراحة والقدرة على تسمية الأشياء بمسمياتها .

وأعود إلى صفات الوفاء والغيرة الوطنية لأشير باعتزاز وطني إلى دفاع محمد المي المستميت والمتواصل عن كل ماهو تونسي أصيل وهو لا يكتفي بنفسه بل يدعو أبناء جيله إلى الانخراط في مشروعه الوطني هذا دفاعا عن ثقافتنا والحديث يطول عن الكتاب -بين سطرين - الذي أدعو مرة أخرى إلى قراءته .

تعليقات