الذاكرة السينمائية الوطنية في مهبّ الرّيح... ؟! (01)


الذاكرة السينمائية الوطنية في مهبّ الرّيح... ؟! (01)

كتبت مرارا وتكرارا حول هذا الموضوع، موضوع
 الأرشيف السينمائي الوطني وضرورة رقمنته و إنقاذه من التّلف لأنّه يحوي ذاكرة البلاد والعباد فهو يتضمّن مصنّفات سمعية بصريّة مختلفة : أفلام وثائقية من أوّل القرن الماضي الى جانب كمّ هائل من أعداد الجريدة السينمائية التي كانت تنجز كل اسبوعين وتحوصل كلّ مظاهر الأنشطة التي جرت خلال الأسبوعين (انشطة سياسية و اقتصادية واجتماعية وثقافية ورياضية) فضلا عن الافلام التونسية التي تمّ إنجازها علي محامل  35 و 16 مم بما فيها أفلام الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة FTCA التي أفخر بأنني انتميت إليها وكنت عضوا ناشطا في مكتبها الجامعي ومهرجانها، مهرجان قليبية الدولي للسينمائيين الهواة ،

ومردّ حرصي على الاهتمام بهذا الموضوع كوني من القلائل الذين يعرفون ثراء وتنوّع محتوى ذلك الأرشيف الذي كانت تتولّى حفظه وصيانته الشركة التونسية للتنمية السينمائية والانتاج SATPEC قبل أن تتمّ تصفيتها في خطوة رعناء وغير مدروسة في تسعينيات القرن الماضي بتعلّة الخوصصة سيّئة الذكر. 
وقد عملت في صلب الشركة وتولّيت مسؤولية ملفّ الإنتاج وكنت أخصّص جزءً من اهتماماتي المهنية للاطلاع على محتوى الخزينة في مجمّع قمرت السينمائي حيث إدارة الإنتاج. وقد انبهرتُ بما تحويه من كنوز نادرة. وبعد تصفية الساتباك آل تسيير خزينة أفلام قمرت إلى وزارة الثقافة.

وعندما تمّ بعث المركز الوطني للسينما والصورة سنة 2011  تنفّس المهنيون الصّعداء إذ نصّ مرسومه بشكل صريح لا لبس فيه على أنّ حفظ الأرشيف وتنميته واستغلاله من مشمولات المركز وذلك ليس اختراعا تونسيا فقد سبقتنا إلى ذلك كلّ الدول. لكن يبدو أنّ مسألة تنازع الصلاحيات ليست مسألة طارئة بل مرض عضال متأصّل لدى بعض من تأتي بهم الصّدف أو مفارقات القدر إلى مراكز القرار والسلطة.
ومن المفارقات العجيبة أنّ خرّيجي وخرّيجات التنشيط الثقافي الذين تلقّوا تكوينا ليصبحوا منشّطين في دور الثقافة والشباب، تسرّبوا إلى مراكز القرار في الإدارات المركزية ومنها الإدارات الفنية مثل الموسيقى والسينما والفنون التشكيلية . ولأنّ ثقافة هؤلاء، بحكم تكوينهم الهشّ وخوائهم الفكري- دونما تعميم - منصبّة على التشبّث بالشكليات والتفنّن في مراكمة الصلاحيات وتأويل النصوص والتمترس وراء ما تنطوي عليه من ضبابية، فإن الأرشيف السينمائي الوطني توزّعت دماؤه بين القبائل. وقد يذهب هباءً منثورا. 
كيف ذلك؟
يتبع.  راضي تريمش.

تعليقات