لماذا ‏فشل ‏محمد ‏اليعلاوي ‏في ‏وزارة ‏الثقافة؟ ‏

بقلم : محمد المي

وقع تعيين الدكتور محمد اليعلاوي وزيرا للثقافة سنة 1979 من طرف الرئيس الحبيب بورقيبة ووقع عزله  سنة 1980 والحقيقة أنه لم يتم سنة كاملة على رأس الوزارة ليجد نفسه خارجها بعيدا عن أسوارها.

سبب عزله يمكن في عجرفته وعدم حسن تعامله مع المثقفين وقد شهرت جريدة " لوموند " التي كان يدمن بورقيبة على قراءتها باليعلاوي في مقال طويل عددت فيه مساوئه وكان المقال مصحوبا بكاريكاتور يظهر اليعلاوي في صورة الفيل ووزارة الثقافة في صورة المغازة التي تبيع بلور الكريستال والفيل بصدد الهجوم على تلك المغازة 

الشيء الذي أغضب بورقيبة فنادى وزيره محمد اليعلاوي وسأله عن الفرق بين التعليم العالي حيث كان اليعلاوي عميدا لكلية الاداب ووزارة الثقافة التي يشغل منصب وزيرها .

اجاب اليعلاوي بأن التعليم العالي أفضل من الثقافة لأن أساتذة التعليم العالي يرتدون ربطات العنق ويحلقون اللحي ويحرصون على المظهر الجيد الذي يليق بمكانتهم في حين ان المثقفين فوضويون فهذا لحيته كثة وذاك شعره طويل وأشعث والاخر لباسه غير مستقيم ...الخ .

عامها صفع اليعلاوي نجيب عياد في مهرجان قربة أمام الملأ وكان اليعلاوي غليظا يتعامل مع المثقفين كما يتعامل المؤدب مع تلاميذه وارتكب اليعلاوي عدة أخطاء من ذلك تهديمه لجزء من سور القيروان ..الخ كانت نوايا اليعلاوي جيدة وكان وطنيا لا مجال للمزايدة على وطنيته ولكنه كان سيئا في التواصل مع المثقفين الشيء الذي جعل جريدة لوموند الفرنسية تكتب ضده ذلك المقال الشهير . والشيء الذي جعل الرئيس بورقيبة يعزله في أقل من عام .

هذه الحادثة التاريخية تجعلنا اليوم نتأمل في واقع المسؤولين الجدد على حظوظ الثقافة ببلادنا فبعضهم اداري صرف لا علاقة له بالمثقفين ولا يعرف كيف يتواصل معهم ولا كيف يتعامل معهم . ومع ذلك تجده على رأس هيكل أو إدارة عامة مهمة ؟ وهو مايرسم للوزارة واقعا سيئا لا يليق بها ولا بصورتها.

وزارة الثقافة وزارة مخصوصة تختلف عن وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم العالي والدفاع والداخلية والخارجية لأن منظوريها ( هم الرأسمال الرمزي البلاد ) لهم طرائق مخصوصة في الحياة واشكال مختلفة للاقامة في العالم فيهم الراقص والمطرب والفنان التشكيلي والاديب والممثل المسرحي والمخرج السينمائي ...الخ وكل هؤلاء على الوزارة ان تتعامل معهم وتحاول مساعدتهم وتوفير أطر للتعامل معهم ...وذلك لا يكون بمسؤولين متعجرفين بل بمسؤولين قريبين من طبائع المثقفين وهواجسهم وهرطقاتهم والا فأن الفعل الثقافي مصيره الفشل 

تعليقات